سحروا المسلمين، فلن يُولَد لهم ولد.
نشأ «عبد الله» نشأة إسلامية خالصة فى بيئة طيبة طاهرة، معطرة
بعبق النبوة، فأبوه «الزبير» ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - «صفية بنت عبد المطلب»، و «أبو بكر الصديق» جد «عبد الله»
لأمه، و «عائشة» أم المؤمنين خالته، وكانت تكنى به، ويقال لها: «يا
أم عبد الله»، لأنها لم تنجب ولدًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
ويُعد من الصحابة، لأنه عاش نحو عشر سنوات فى حياة النبى - صلى
الله عليه وسلم -.
كان «عبد الله» شجاعًا، ذكى الفؤاد، معتدا بنفسه، ذا طموح كبير،
شارك فى الفتوحات وهو حدث صغير، فحضر معركة «اليرموك» سنة
(١٣هـ)، واشترك فى «فتح شمالى إفريقيا» فى خلافة «عثمان بن
عفان»، رضى الله عنه، ولما حضر «عثمان» فى داره كان «عبد الله»
من المدافعين عنه، وحضر معركة «الجمل» مع أبيه.
ولما ولى «معاوية بن أبى سفيان» الخلافة سنة (٤١هـ) استمال إليه
«عبد الله بن الزبير» وأحسن إليه كما أحسن إلى غيره من الصحابة
وأبنائهم، فقابل ذلك بحسن الطاعة، بل شارك فى الغزو تحت قيادة
ابنه «يزيد» فى فتح «القسطنطينية»، وظلت علاقته بمعاوية على ما
يرام إلى أن أخذ البيعة لابنه «يزيد»، فأظهر «عبد الله» معارضته
الشديدة لذلك.
وبعد وفاة «معاوية بن أبى سفيان» رفض أن يبايع «يزيد»، وركن
إلى «مكة المكرمة»، وسمَّى نفسه «العائذ بالبيت»، لكنه لم يعلن
رغبته فى الخلافة لوجود «الحسين بن على»، فلما استُشهد فى
«كربلاء» وتوفِّى «يزيد بن معاوية» بعد ذلك سنة (٦٤هـ) أعلن نفسه
خليفة فى «مكة».
ولما سادت الفوضى الدولة الأموية بعد موت «يزيد» ورفض ابنه
«معاوية» قبول الخلافة، تلفت الناس حولهم، فلم يجدوا أفضل من
«عبد الله بن الزبير»، فبايعوه، واتسعت دولته حتى شملت معظم
أنحاء الدولة الإسلامية، عدا «الأردن» فى الشام، غير أن «بنى
أمية» استطاعوا أن يوحدوا كلمتهم، ويبايعوا «مروان بن الحكم»