مرة منذ عهد السلطان «جلال الدين الخوارزمى»، وتم أسر قائد
الجيش المغولى «كتبغا» ثم قتله، فكان لهذه المعركة عدة نتائج من
أهمها: أنها حالت دون تقدم المغول إلى «مصر»، وقضت على خرافة
الجيش المغولى الذى لا يُقهر، وتبدو أهمية هذه المعركة إذا ما
تصورنا أن الهزيمة هى التى حلَّت بالمسلمين، فلا شك أن المغول
كانوا سيقضون على آخر معقل للإسلام فى فلسطين ومصر.
وأدى نجاح المصريين فى هذه المعركة إلى إدراك الأهمية الكبرى
للوحدة بين «مصر» وبلاد الشام، وإلى توطيد العلاقات بين المماليك
فى «مصر» والشام وحكام منطقة «القبجاق»، الذين كان يحكمهم
-آنذاك- «بركة خان بن جوجى بن جنكيزخان»، الذى اعتنق هو
ورعيته الإسلام، وطلب العون من المماليك فى «مصر»، لكى يقفوا
إلى جانب بلاده ضد «المغول الإيلخانيين» الذين كانوا يحكمون
«فارس»، ولاشك أن هذه المعركة أكسبت «القاهرة» مكانة ممتازة
فى الجانب السياسى، إلى جانب ما كانت تتمتع به من مكانة
حضارية وثقافية وعلمية.
ولقد ارتد المغول على أعقابهم بعد ذلك وانحصر مدهم، وتقلص
نفوذهم حتى حدود منطقة «العراق»، وانشغل «هولاكو» بالحروب
الكثيرة التى دخلها مع «بركة خان»، ولم يستطع أن يتفرغ للثأر من
المصريين الذين هزموه فى «عين جالوت»، حتى مات فى سنة
(٦٦٣هـ)، بعد أن عين «شمس الدين محمد الجوينى» وزيرًا، وعهد إلى
أخيه «علاء الدين الجوينى» بحكم «بغداد». وظل المغول فى حدود
منطقة «العراق» حتى أقاموا دولتهم الجديدة التى عُرفت باسم
«الدولة الإيلخانية» فى «إيران» و «العراق» وآسيا الصغرى.