للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتراجعون إلى الخلف، فتوغل بجنوده بعيدًا عن أسوار «بغداد»،

فأطبق عليه المغول من كل جانب وحاصروه وفتكوا بجنوده، وتمكن

من الفرار بأعجوبة مع عدد قليل من جنوده، وعاد بهم إلى بغداد.

عمد «هولاكو» إلى إغراء الخليفة العباسى «المستعصم

بالله» بالوعود الكاذبة، فسلم الخليفة نفسه وأهله وأمواله إلى

«هولاكو»، فأمر بقتله؛ ثم دخل المغول «بغداد»، واستباحوها،

وهدَّموا أكثر مبانيها، وقتلوا نحو مليون شخص، وجمع المغول كل

الكتب والمخطوطات التى كانت موجودة بمكتبة «بغداد»، وألقوها

فى «نهر دجلة» لتكون جسرًا يتمكن الجنود بواسطته من عبور النهر

إلى الجانب الآخر، وهكذا سقطت «بغداد» بعد أن ظلت أكثر من

خمسة قرون (١٣٢ - ٦٥٦هـ) حاضرة المسلمين، ومنارة العلم

والحضارة للعالم الإسلامى، وترتب على ذلك انتقال مركز الخلافة من

«بغداد» إلى «مصر» فى سنة (٦٥٩هـ)، وفقدت اللغة العربية سيادتها

فى «إيران» والمشرق الإسلامى، وعادت الفارسية ثانية واحتلت

الرقعة العلمية والثقافية فى هذه البلاد، كما كان لسقوط «بغداد»

رنة فرح شديدة عند النصارى، الذين أشادوا بهولاكو وهللوا له؛ لأنه

خلصهم من منافسهم الخطير المتمثل فى الخلافة الإسلامية، غير أنهم

ندموا على سقوط هذه الخلافة بعد ذلك، حين تبين لهم سماحة

المسلمين فى المعاملة ووفاؤهم بالعهد، وهذه الصفات لم يكن

المغول يتمتعون بها، ولايعرفون عنها شيئًا.

هزيمة المغول فى عين جالوت:

توقف «هولاكو» ببغداد فترة، ثم أرسل جيشًا بقيادة قائده

«كيتبوقا» (أو «كتبغا» كما يسميه المؤرخون العرب) للسيطرة على

«فلسطين» و «مصر» فى سنة (٦٥٨هـ)، وكان يحكم «مصر» - آنذاك-

«سيف الدين قطز»، وعلم بمقدم المغول، فتأهب بجيشه بقيادة «ركن

الدين بيبرس» (الظاهر بيبرس البندقدارى) للدفاع عن «فلسطين»،

والتقى بجيش المغول فى منطقة «عين جالوت» فى رمضان سنة

(٦٥٨هـ)، وأسفرت المعركة عن هزيمة منكرة لحقت بالمغول، لأول

<<  <  ج: ص:  >  >>