تجار الهند المسلمون، وقد عمل هؤلاء التجار بنقل الحاصلات
المتوافرة فى شرق إفريقيا إلى البلدان المطلة على المحيط الهندى،
وإلى الأسواق العربية فى مصر والشام والعراق، فأصبحت الدولة
على جانب كبير من الثراء.
وقد نتج عن هذا الثراء تطور حضارى كبير، فقد أنشأ أهل «بات»
منازل كبيرة واسعة، وضعوا فيها لمبات نحاسية جميلة، كما صنعوا
سلالم أو درجات مزينة بالفضة يتسلقونها أو يصعدون عليها إلى
فرشهم أو سُررهم، كما صنعوا سلاسل فضية تزين بها الرقاب،
وزينوا أعمدة المنازل بمسامير كبيرة من الفضة الخالصة، وبمسامير
من الذهب على قمتها. وقد تجلت مظاهر هذه الحضارة العربية أيضًا
فى المبانى المعمارية وتخطيط المدن وزخارف الأبواب والنوافذ، كما
أدخل العرب فن النقش والحفر والنحت وعقود البناء العالية
والفسيفساء المتناسقة مع الرخام الملون.
وفى مجال الثقافة واللغة والعلوم والفنون ظهر فى تلك الفترة ما
يعرف باللغة السواحيلية، وهى الفترة التى كانت فيها سلطنة «بات»
النبهانية صاحبة السيطرة والنفوذ على معظم أجزاء الساحل الشرقى
لإفريقيا كما سبق القول، مما أدى إلى وجود تأثير عربى قوى فى
اللغة السواحيلية حتى فى المناطق الجنوبية التى تقع فى
«تنجانيقا» و «زنجبار»، حيث ظهرت أفصح أنواع اللغة السواحيلية.
ونتيجة لذلك ظهرت نظرية تقول بأن الشعب السواحيلى ولغته نشأ
كل منهما حول «لامو» حيث توجد «بات»، وأن المهاجرين العرب
الذين أقاموا فى «لامو» وأنشئوا هذه الإمارة تزوجوا من نساء
«البانتو» واضطروا إلى استخدام عدد من الكلمات البانتوية بحكم
معيشتهم اليومية مع زوجاتهم، ونشأ أولاد «مولَّدون» أى نصف عرب
ونصف بانتو، مزجوا بين اللغة العربية لغة آبائهم، وبين لغة البانتو
لغة أمهاتهم، ومع استمرار التزاوج والاختلاط والمصاهرة تكوَّن
الشعب السواحيلى وظهرت اللغة السواحيلية التى أصبحت لغة التجارة