العمل فى الأسطول.
بدأ «معاوية بن أبى سفيان» يعمل على الفور فى بناء الأسطول،
متعاونًا مع «عبدالله بن سعد بن أبى السرح»، والى «مصر»،
ومستثمرًا كل الإمكانات المتاحة والصالحة لصناعة السفن فى «مصر»
والشام، حيث كانت فى «مصر» دور قديمة لصناعة السفن، وعدد
كبير من العمال المهرة المدربين، وأشجار «السنط» التى تصلح لعمل
الصوارى وضلوع السفن، وكانت الشام تتمتع بكثير من المواد اللازمة
مثل أخشاب «الصنوبر» و «البلوط» و «العرعر»، وأدى هذا التعاون
بين «مصر» والشام إلى بروز الأسطول الإسلامى وظهوره.
فتح جزيرة قبرص سنة (٢٨هـ):
كان أول عمل بحرى ناجح قام به الأسطول الإسلامى، هو فتح
«جزيرة قبرص» التى كانت تهدد شواطئ المسلمين باستمرار لقربها
منها من ناحية، وباعتبارها محطة مهمة من محطات الأساطيل
البيزنطية من ناحية أخرى.
وقد غزاها «معاوية» سنة (٢٨هـ)، أى بعد أربع سنوات فقط من بناء
الأسطول الإسلامى، وهى مدة ليست بالطويلة لإنشاء أسطول
بحرى، ولكنها عزيمة الرجال وإصرارهم على إنجاز العمل.
وكانت الغزوة مشتركة أسهمت فيها قوات الشام، وقوات «مصر»
بقيادة «عبدالله بن سعد»، ونزلوا «قبرص» واستولوا عليها، فعرض
أهلها الصلح، فقبل «معاوية»، واشترط لعقده عدة شروط:
- أن يدفع أهل «قبرص» جزية سنوية، مقدارها سبعة آلاف دينار.
- وأن يُعلموا المسلمين بأية تحركات عدائية من جانب الروم ضد
سواحلهم.
- وأن يقف أهل «قبرص» على الحياد، إذا نشبت حرب بين المسلمين
والروم، ولكن لا يمنعون المسلمين من المرور بجزيرتهم إذا احتاجوا
إلى ذلك.
ولم يلتزم أهل «قبرص» بما تعاهدوا عليه فى الصلح، مما جعل
«معاوية» يعاود غزو الجزيرة مرة أخرى سنة (٣٣هـ) ويضمها إلى
دولة الخلافة، وينقل إليها اثنى عشر ألفًا من المسلمين من أهل
الشام، وأسكنهم فيها، وبنى لهم الدور والمساجد.
موقعة ذات الصوارى سنة (٣٤هـ):
أثار بروز الأسطول الإسلامى فى البحر المتوسط حفيظة «قنسطانز