عقد صلحًا مع «المجر» سنة (٨٤٨هـ = ١٤٤٤م)، أعيد بمقتضاه
تأسيس إمارة «الصرب» على أن تكون تابعة للدولة العثمانية،
ومنطقة عازلة بينها وبين «المجر». ولما شعر السلطان «مراد
الثانى» بالتعب تخلى عن عرشه لابنه «محمد الثانى» الذى عرف
فيما بعد بمحمد الفاتح، وكان عمره آنذاك (٢١) عامًا، فشكل
الأوربيون على الفور حملة عسكرية على الدولة العثمانية،
وشاركت فيها قوات من «المجر» و «قولونية» و «ألمانيا»،
و «فرنسا» و «البندقية» و «بيزنطة» و «بيرجوذريا» وكانت تلك
الحملة بقيادة «هونيادى»، واختير الملك المجرى «لاديسلاس»
قائدًا شرفيا للحملة، وقد نهبت هذه الحملة وهى فى طريقها كل
شىء، حتى الكنائس الأرثوذكسية لم تسلم من أيديهم. وإزاء
هذه التطورات اجتمع مجلس شورى السلطنة العثمانية، وطلب
عودة «مراد الثانى» إلى الحكم مرة أخرى، فعاد وبدأ فى
إعداد جيشه للقاء تلك الحملة الصليبية، فتحرك على رأس جيشه
الضخم الذى بلغ أربعين ألف جندى، والتقى مع تلك الحملة فى
«فارنا» وهى مدينة بلغارية تقع على شاطئ «البحر الأسود»،
ودارت بينهما معركة هائلة عرفت باسم «معركة فارنا» فى (٢٨
من رجب ٨٤٨ هـ = ١٠ من نوفمبر ١٤٤٤م)، وفيها حقق
العثمانيون نصرًا غاليًا، وقتل الملك «لاديسلاس»، وهرب
«هونيادى» من المعركة، وبهذا النصر أيقن الأوربيون صعوبة
طرد العثمانيين من منطقة «البلقان». وقد فرح العالم الإسلامى
بهذا النصر فرحًا شديدًا حتى إن السلطان «جقمق» المملوكى أمر
أن يذكر اسم السلطان «مراد الثانى» مجاملة بعد اسم الخليفة
العباسى فى «القاهرة». لم تستسلم «أوربا» لهذه الهزيمة
فجهزت حملة صليبية أخرى ضمت نحو مائة ألف جندى بقيادة
«هونيادى» والتقت بالعثمانيين بقيادة السلطان «مراد الثانى»
فى صحراء «قوصوه» فى (١٨ من شعبان ٨٥٢هـ=١٧ من أكتوبر
١٤٤٨م)، وانتصر العثمانيون فى هذا اليوم انتصارًا عظيمًا.