للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الناصر محمد»، وعبر عنه بقوله: «ولا يُعلَم لأحد من الملوك آثار

مثله ولا مثل مماليكه، حتى قيل لقد تزايدت فى أيامه الديار

المصرية والبلاد الشامية من العمائر مقدار النصف من جوامع

وخوانق وقناطر، وغير ذلك من العمائر». ولاشك أن هذه

المنشآت كانت تعتمد على اقتصاد قوى، ورؤية حضارية من

«الناصر محمد»، الذى وضع أسس السياسة العامة لدولة

المماليك، وعُدَّ المنفذ الأكبر لها، فكان شديد البأس، سديد

الرأى، يتولى أمور دولته بنفسه، مطَّلعًا على أحوال مملكته،

محبوبًا من رعيته، مهيبًا فى أمراء دولته، فكان المثل الأعلى

لرجل السياسة فى دولة المماليك، كما كان «بيبرس» المثل

الأعلى للقائد الحربى، وانطلقت بوفاته فى سنة (٧٤١هـ)، ألسنة

الشعراء والأدباء لتأبينه والثناء عليه، والإشادة بذكره، وقد

أطراه المؤرخ «أبو المحاسن بن تغرى بردى» بقوله: «إنه أطول

الملوك فى الحكم زمانًا، وأعظمهم مهابة، وأحسنهم سياسة،

وأكثرهم دهاء، وأجودهم تدبيرًا، وأقواهم بطشًا وشجاعة،

مرت به التجارب، وقاسى الخطوب، وباشر الحروب، وتقلب مع

الدهر ألوانًا، ونشأ فى الملك والرياسة، وله فى ذلك الفخر

والسعادة، خليقًا بالملك والسلطنة؛ فهو سلطان ابن سلطان،

ووالد ثمانية سلاطين؛ فهو أجل ملوك المماليك وأعظمهم بلا

مدافع». وكانت وفاة «الناصر محمد» فى (٢٠ من ذى الحجة سنة

٧٤١هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>