كان قريبًا من حوادث الفتح - أن بعض المصريين تركوا الدين
المسيحى وأسلموا، وصحبوا جيوش العرب أثناء الفتح، كان منهم
(يوحنا) أحد رهبان (دير سيناء).
واستمرت حركة الدخول فى الإسلام فى زيادة مطردة، فدخل على
عهد الخليفة (هشام بن عبد الملك) أربعة وعشرون ألفًا منهم الإسلام
دفعة واحدة سنة (١٠٨هـ).
ولم يكن دخول الإسلام مقصورًا على طبقة بعينها، بل دخل فيه ناس
من كل الطبقات، كما اعتنقه كثير من الروم الذين بقوا فى (مصر) بعد
الفتح الإسلامى.
وباستمرار دخول المسيحيين فى (مصر) فى الإسلام أصبح أغلبية
السكان مسلمين، وتعلموا اللغة العربية، وأصبحت (مصر) بلدًا عربيا
إسلاميا، وبقى بعض الأقباط على دينهم حتى الآن، وهذا دليل
سماحة الإسلام، وآية على أن من اعتنق الإسلام منهم اعتنقه عن
رضى واقتناع ودون إكراه، فلو أكره الفاتحون المسلمون الأقباط
على ترك دينهم والدخول فى الإسلام؛ لما بقى مسيحى واحد فى
(مصر).
وكان دور المسلمين فى جذب المسيحيين وغيرهم دور الداعى إلى
دينه بالحكمة والموعظة الحسنة، والقدوة الطيبة، بالإضافة إلى جو
الحرية وسريان روح الرحمة والتسامح الذى أشاعه الخلفاء والحكام
والأمراء، ولم يعد المسلمون أنفسهم طبقة متميزة على أهل البلاد،
وإنما اختلطوا بهم وتعايشوا معهم وصاهروهم، وعاملوهم بتقدير
واحترام، خاصة أن النبىَّ أوصى المسلمين خيرًا بأهل (مصر) حين
يفتحونها، فإن لهم ذمة ورحمًا، فهاجر أم (إسماعيل) عليه السلام
منهم، وكذلك (مارية القبطية) التى تزوجها النبى - صلى الله عليه
وسلم - وأنجب منها (إبراهيم).
انتشار الإسلام فى شمالى إفريقيا:
تشمل منطقة (شمالى إفريقيا) المنطقة التى تمتد من حدود (مصر)
العربية حتى شاطئ (المحيط الأطلنطى)، وهى من أكثر المناطق التى
أرهقت المسلمين فى فتحها، الذى استغرق نحو سبعين سنة، وذلك
بسبب المقاومة العنيدة التى لقيها المسلمون من سكان البلاد،