[الأنفال: ٢٦]. على والقرارات الصعبة: تمت بيعة «على بن أبى
طالب» فى اليوم الخامس والعشرين من شهر ذى الحجة سنة (٣٥
هـ)، فاستقبل بخلافته عام (٣٦هـ)، وكان عليه أن يواجه الموقف
العصيب، الذى نتج عن استشهاد أمير المؤمنين «عثمان بن
عفان»، باتخاذ قرارات صعبة تجاه عدد من المعضلات، التى كان
أولها: - القصاص من قتلة «عثمان» - رضى الله عنه - وكان ذلك
مطلب الصحابة، ففى أول يوم من خلافته ذهب إليه «طلحة»
و «الزبير»، وطالباه بإقامة الحد على القتلة، وكان هو مقتنعًا
بذلك، ولذلك قال لهما: «يا إخوتاه إنى لست أجهل ما تعلمون
ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم؟ هاهم هؤلاء قد
ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم -أى
يعيشون بينكم - يسومونكم ماشاءوا - أى يسيطرون عليكم -
فهل ترون موضعًا لقدرة على شىء مما تريدون؟ قالوا: لا،
قال: فلا والله لا أرى إلا رأيًا ترونه أبدًا». ويتضح من هذا أن
«على بن أبى طالب» لم يكن أقل من غيره حرصًا على إقامة
الحد على قتلة «عثمان»،ولكن الظرف الذى هم فيه لا يمكنه من
ذلك، فإذا كان الذين نفذوا القتل فى «عثمان» عددًا محدودًا،
وهم «الغافقى بن حرب»، ومعه «سودان بن حمران» و «كنانة بن
بشر التجيبى»، فإن وراءهم نحو عشرة آلاف من الثوار الذين
ضللوهم، وهم مستعدون للدفاع عنهم، ولذلك عندما كانوا
يسمعون قائلا يقول: من قتل «عثمان»؟ كان هؤلاء جميعًا
يصيحون: نحن جميعًا قتلناه، ولذا كان رأى الإمام التريث حتى
تهدأ الأمور، ويعود الناس إلى بلادهم، حتى يتمكن من التحقيق
فى الأمر وإقامة الحد، وقد اقتنع الصحابة بهذا الحل، لكن الأمور
تطورت تطورًا آخر على غير ما يهوى الجميع. - وتغيير كل ولاة
«عثمان» على الولايات الكبرى: «مصر» و «الشام»، و «الكوفة»،
و «البصرة» حتى تهدأ الفتنة. وقد اتخذ «على» بالفعل قرارًا
بذلك، فعزل «معاوية بن أبى سفيان» عن الشام، وعين بدلا منه