للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين «عائشة» رسولين من عنده، هما «عمران بن حصين»

و «أبو الأسود الدؤلى» يسألانها عن سبب مجيئها. فقالت لهما:

«إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله

- صلى الله عليه وسلم -، وأحدثوا فيه الأحداث وآووا فيه

المحدثين، واستوجبوا لعنة الله ورسوله، مع مانالوا من قتل إمام

المسلمين، بلا ترة ولا عذر، فخرجت فى المسلمين، أعلمهم ما

أتى هؤلاء». وكذلك سأل الرسولان «طلحة» و «الزبير» - رضى

الله عنهما - عن سبب مجيئهما، فقالا: «الطلب بدم عثمان»، فرجع

الرجلان وأخبرا «عثمان بن حنيف»، فقال: «إنا لله وإنا إليه

راجعون! دارت رحى الإسلام ورب الكعبة»، وأصرَّ على منعهم

من دخول «البصرة»، فدارت بينه وبينهم معركة عند مكان يُسمى

«الزابوقة» قُتل فيها نحو ستمائة من الفريقين، فلما رأوا كثرة

القتلى تنادوا إلى الصلح والكف عن القتال، وانتظار قدوم الإمام

«على» إلى «البصرة»، وتم الصلح على أن يتركوا للوالى دار

الإمارة والمسجد وبيت المال، وينزلوا هم فى أى مكان بالبصرة.

وصل «على» إلى «البصرة» وعلم بما حدث من سفك الدماء

وهاله ذلك، فأرسل على الفور «القعقاع بن عمرو التميمى» إلى

معسكر «عائشة» و «طلحة» و «الزبير»، ليعرف ماذا يريدون،

فقالت «عائشة» - رضى الله عنها -: «خرجنا لنصلح بين الناس»،

وكذلك قال «طلحة» و «الزبير»، فسألهم «ما وجه الإصلاح الذى

تريدون»، قالوا: «قتلة عثمان»، قال: «لقد قتلتم ستمائة من قتلة

عثمان، فغضب لهم ستة آلاف من قبائلهم، وكنتم قبل ذلك أقرب

إلى السلامة منكم الآن»، قالوا: «فماذا ترى أنت؟»، قال:

«أرى أن هذا الأمر دواؤه التسكين»، واقترح عليهم تجديد

البيعة لعلى، ومقابلته، والتفكير بعد ذلك فيما يصلح المسلمين،

فقبلوا. ومعنى ذلك أن الجميع كانوا راغبين، فى الإصلاح، كل

على حسب اجتهاده، لكن عناصر الشر التى كانت لاتزال فى

معسكر «على» هى التى أفسدت السعى الذى قام به

<<  <  ج: ص:  >  >>