يزل يبعث إلى رءوسهم، يعد من ينصره ويعينه، ويخوّف من
امتنع عليه، وضرب بعضهم ببعض، فدل بعضهم على عورة
بعض، وهربت طائفة، وأقامت طائفة، فقتل بعضهم بعضًا،
وصفت له فارس، فلم يلقَ منهم جمعًا ولا حربًا». أما الروم فلم
يتحركوا؛ لأن الإمبراطور «قنسطانز» لما عرض عليه بعض قواده
أن ينتهزوا فرصة الحروب التى جرت بين «على» وأصحاب
«الجمل»، وبينه وبين «معاوية»، ويغيروا من جديد على «مصر»
و «الشام»، رفض الإمبراطور معللا ذلك بأن غزوه لمصر والشام
سيجعل المسلمين يتصالحون ويتحدون ويقاتلوننا جميعًا، ولن
نقوى عليهم، فخير لنا أن نتركهم يقتل بعضهم بعضًا حتى
يضعف شأنهم. استشهاد على رضى الله عنه: جاءت نهاية الإمام
«على بن أبى طالب» على يد «الخوارج»، أنصاره السابقين،
الذين بلغ بهم الغلو والتطرف حدًا اعتبروا فيه «عليًّا» و «معاوية»
و «عمرو بن العاص» أئمة ضلالة، وحمَّلوهم مسئولية ما حدث،
وقرروا قتل الثلاثة جميعًا، واتفقوا أن يتم التنفيذ فى وقت
واحد، هو فجر اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة (٤٠هـ)؛
تيمنًا بذكرى معركة «بدر» حسب تصور نفوسهم المريضة
وعقولهم الفاسدة، وانتدبوا ثلاثة للقيام بهذه المهمة، هم
«عبدالرحمن بن ملجم»، و «البرك بن عبدالله»، و «عمرو بن بكر»،
على أن يذهب الأول إلى «الكوفة» لقتل «على»، والثانى إلى
«دمشق» لقتل «معاوية»، والثالث إلى «مصر» لقتل «عمرو بن
العاص». وشاءت إرادة الله - تعالى - أن ينجو «معاوية»
و «عمرو» من القتل، وأن تكون الشهادة من نصيب «على»،
حيث ضربه «عبدالرحمن بن ملجم» بسيف مسموم فى جبهته،
فشقها فمات من أثر الضربة بعد وقت يسير، بعد أن قضى أربع
سنوات وبضعة شهور، لم يذق فيها طعم الراحة، وحاصرته
المشكلات والمتاعب، وأنهكته الحروب من كل جانب.