واتبع فى تحقيق ذلك سياسة حكيمة تقوم على دعائم ثابتة، تتلخص
فيما يلى:
- العمل على تضميد جراح الأمة، وتسكين نفوسها، وتأليف قلوبها
بعد فترة مضطربة من حياتها، والإحسان والتودد إلى كبار
الشخصيات من شيوخ الصحابة وأبنائهم، وبخاصة آل بيت النبى
- صلى الله عليه وسلم -، وقد أدت هذه السياسة إلى تجميع القلوب
حوله، وتحويل الخصوم إلى أعوان وأصدقاء.
- وحسن اختياره للولاة والحكام، لأنه أدرك أنه مهما أوتى من ذكاء
وفطنة، ومقدرة وحكمة، فلن يستطيع أن يحكم الدولة وحده، ومن ثم
لابد له من أعوان، يساعدونه فى إدارة البلاد على خير وجه،
فاختارهم بعناية فائقة من بين أقوى الناس عقلا، وأحسنهم سياسة،
وأحزمهم إدارة، أمثال «عمرو بن العاص»، و «المغيرة بن شعبة»،
و «زياد» و «عتبة» أخويه، وغيرهم.
- ومباشرته أعماله بنفسه، وتكريسه وقته وجهده للدولة وسياستها،
وعدم ركونه إلى حياة الراحة والدعة، على الرغم من استعانته فى
إدارة الدولة بأعظم الرجال فى عصره.
بهذه السياسة استقرت الدولة وسادها النظام، وعمَّها الأمن
والسكينة، ولم يشذ عن ذلك سوى الخوارج، فأخذهم «معاوية»
بالشدة؛ حفاظًا على سلامة الأمة، واتسمت سياسته الخارجية
وبخاصة تجاه الدولة البيزنطية بمواصلة الضغط عليها، ومحاصرة
«القسطنطينية» - عاصمتها - أكثر من مرة، وجعلها تقف موقف
الدفاع عن نفسها.
الفتوحات فى عهد معاوية:
فتح شمالى إفريقيا:
وصل المسلمون فى أواخر خلافة «عثمان» إلى «تونس» الحالية،
لكنهم لم يواصلوا فتوحاتهم بسبب الفتن التى استمرت حتى نهاية
خلافة «على بن أبى طالب» (٣٦ - ٤٠هـ)، فلما استتب الأمر لمعاوية
سنة (٤١هـ)، كانت جبهة «شمالى إفريقيا» أولى الجبهات التى اهتم
بها، لأنها كانت تخضع لنفوذ الدولة البيزنطية التى عزم على تضييق
الخناق عليها، فأرسل سنة (٤١هـ) حملة إلى «شمالى إفريقيا»
بقيادة «معاوية بن حديج»، ثم أرسله على رأس حملة أخرى سنة