للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان على «مروان» بعد بيعته أن يثبت جدارته بهذا المنصب وأهليته

له، بأن يسترد نفوذ «بنى أمية» وسلطانهم فى الشام، معقلهم

الرئيسى، الذى خضع معظمه لعبدالله بن الزبير، ومن ثم خاض

«مروان» مع أنصار «ابن الزبير» معركة كبيرة فى «مرج راهط»،

شرقى «دمشق» فى نهاية سنة (٦٤هـ)، وكان النصر فيها حليف

«مروان»، وبداية الطريق لاستعادة الأمويين لدولتهم التى كانت قاب

قوسين أو أدنى من الزوال.

ولم يضع «مروان» وقتًا بعد هذا الانتصار، فعاد إلى «دمشق»، حيث

تلقى وفود المهنئين والمبايعين. وبعد فترة قصيرة اطمأن فيها على

استقرار الأوضاع فى الشام، ترك ابنه «عبدالملك» فى «دمشق» نائبًا

عنه فى حكمها، وتوجه إلى «مصر» التى كانت تحت حكم «عبدالله

بن الزبير»، فاستردها بسهولة، وأقام بها نحو شهرين، رتَّب فيها

أوضاعها، وعيَّن ابنه «عبدالعزيز» واليًا عليها، وعاد هو إلى

«دمشق»، ليستأنف صراعه مع «ابن الزبير»، لكن الموت عاجله سنة

(٦٥هـ) بعد حكم دام عشرة شهور.

ثورة التوابين في عهد مروان بن الحكم:

«التوابون» مجموعة من الشيعة الذين أحسوا بخطئهم الفادح حين

دعوا «الحسين» إلى «الكوفة» ليبايعوه خليفة وإمامًا، ثم خذلوه لما

حضر إليهم، لذلك قرروا الثأر له، وسمُّوا أنفسهم التوابين، أى الذين

تابوا عن تقصيرهم فى نصرته، وتزعمهم «سليمان بن صرد

الخزاعى».

وقد اجتمع لهم عدة آلاف من الناس، قيل إنهم بلغوا ستة عشر ألفًا،

وبايعوا «ابن صرد» على الموت طلبًا لثأر «الحسين»، لكنهم انفضُّوا

عنه حين جدَّ الجد، كما انفضوا عن «الحسين» من قبل، ولم يبقَ معه

سوى نحو ثلاثة آلاف، توجه بهم لقتال الأمويين، فتصدَّى لهم

«عبيدالله بن زياد» فى جيش ضخم، بلغ عدده نحو ستين ألفًا،

فهزمهم وقتل معظم التوابين وعلى رأسهم زعيمهم «سليمان بن

صرد»، فى مكان يُسمَّى «عين الوردة» فى شمالى «العراق» سنة

(٦٥هـ).

وهكذا أضيفت إلى مآسى المسلمين مأساة أخرى، أدَّى إليها

<<  <  ج: ص:  >  >>