القتال، وانتظار قدوم الإمام «على» إلى «البصرة». وصل
«على» إلى «البصرة» وعلم بما حدث من سفك الدماء وهاله
ذلك، فأرسل على الفور «القعقاع بن عمرو التميمى» إلى
معسكر «عائشة» و «طلحة» و «الزبير»، ليعرف ماذا يريدون،
فقالت «عائشة» - رضى الله عنها -: «خرجنا لنصلح بين الناس»،
وكذلك قال «طلحة» و «الزبير»، فسألهم «ما وجه الإصلاح الذى
تريدون»، قالوا: «قتلة عثمان»، قال: «لقد قتلتم ستمائة من قتلة
عثمان، فغضب لهم ستة آلاف من قبائلهم، وكنتم قبل ذلك أقرب
إلى السلامة منكم الآن»، قالوا: «فماذا ترى أنت؟»، قال:
«أرى أن هذا الأمر دواؤه التسكين»، واقترح عليهم تجديد
البيعة لعلى، ومقابلته، والتفكير بعد ذلك فيما يصلح المسلمين،
فقبلوا. كانت نقطة الضعف التى فى معسكر الإمام «على» هى
وجود كثيرين ممن اشتركوا فى قتل «عثمان» والتخطيط له،
وعلى رأسهم «عبدالله بن سبأ»، و «الأشتر النخعى»، ولم يكن
لعلى حيلة فى وجودهم معه، ولا قدرة على إبعادهم، لكونهم
قوة كبيرة تساندهم عصبات قبلية، وقد أدرك زعماؤهم الذين
تولوا كبر الثورة على «عثمان» أن الصلح بين الفريقين سيجعل
«عليًّا» يتقوى بانضمام الفريق الآخر إليه، ويقيم الحد عليهم
باعتبارهم قتلة «عثمان»، فعزموا على إفساد الأمر كله. وترتب
على هذا العزم أن عقد «ابن سبأ» لهم مؤتمرًا تدارسوا فيه الأمر،
فاقترح «الأشتر» أن يقتلوا «عليًا» كما قتلوا «عثمان» من قبل،
فتهيج الدنيا من جديد، ولا يقدر عليهم أحد، لكن هذا الاقتراح لم
يعجب «ابن سبأ»، فهو يريد أن يدخل الأمة كلها فى حرب
طاحنة، لا أن يقتل فرد واحد وإن كان خليفة المسلمين، فأمرهم
بشن هجوم فى ظلام الليل على جيش «عائشة» و «طلحة»
و «الزبير»، بدون علم الإمام «على»، فاستجابوا لرأيه، وبينما
الناس نائمون مطمئنون بعد أن رأوا بوادر الصلح تلوح فى
الأفق، إذا بهم يفاجئون بقعقعة السلاح، وكانت هذه هى بداية