أهل «مصر» مع الفاتحين المسلمين أدركوا أن ما سمعوه كان
حقيقة، فقد منحوهم الحرية الدينية الكاملة، وأعادوا بطريركهم
«بنيامين» إلى كنيسته بالإسكندرية، وكان الروم قد نفوه إلى
«وادى النطرون»، وقد حفظ الرجل هذا العمل الجليل لعمرو بن
العاص، فعاونه كثيرًا فى إدارة «مصر» إدارة حسنة. وقد أتاح
الفتح الإسلامى لمصر جوا من الحرية والتسامح لم تشهده البلاد
منذ زمن بعيد، بنص المعاهدة التى أعطاها «عمرو بن العاص»
لأهل «مصر»: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن
العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم
وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شىء من ذلك
ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوب - أهل النوبة - وعلى أهل مصر
أن يعطوا الجزية .. ومن دخل فى صلحهم من الروم والنوب، فله
مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو
آمن حتى يبلغ مأمنه، على ما فى هذا الكتاب عهد الله، وذمة
رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين، وذمة المؤمنين». وقد عمل
المسلمون بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التى أوصاهم
فيها بأهل «مصر» خيرًا عندما يفتحونها؛ لأن لهم ذمة ورحمًا،
كما نصحهم أن يتخذوا منها جندًا كثيفًا، فأجنادها من خير
أجناد الأرض، لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة.