وقد واجه العباسيون بزعامة «أبى مسلم» قوى مختلفة فى
«خراسان»، فور إعلان ثورتهم ليلة الخميس (٢٥من رمضان سنة
١٢٩هـ= ٩من يونيو سنة٧٤٧م)، وتمثلت هذه القوى فى «نصر بن
سياد» الوالى الأموى، وقبائل «اليمن» و «ربيعة»، و «الخوارج»، لكن
«أبا مسلم» استطاع بذكائه ودهائه أن يوقع بينها مستغلا العنصر
القبلى وإثارة العصبية بين أفرادها.
وبعد معارك كثيرة استطاعت قوات «أبى مسلم الخراسانى» أن
تدخل مدينة «مرو» عاصمة إقليم «خراسان»، ثم استولت على
«همدان» و «نهاوند» و «حلوان» و «خانقين» وغيرها، حتى دخلت
«العراق»، وكان وراء ذلك النجاح الكبير الذى أحرزه العباسيون فى
نشاطهم الدعائى والعسكرى أسباب كثيرة، منها:
١ - الدعوة الدائبة والمنظمة التى استمرت ما يقرب من ثلاثين سنة
على أيدى دعاة مدربين.
٢ - كثرة الجيوش العباسية واندفاعها لاكتساح القوات الأموية.
٣ - القيادة الحكيمة التى استطاعت تنظيم أنصار الدعوة العباسية
وتسليحهم وتوجيههم إلى ميادين القتال المختلفة.
٤ - تمزق صفوف الجيوش الأموية بسبب العصبية القبلية.
٥ - نجاح العباسيين فى جذب مجموعة من القادة الأكفاء الذين أداروا
المعركة باقتدار ضد الأمويين، ومنهم «أبو مسلم الخراسانى»، و «أبو
سلمة الخلال» كبير الدعاة العباسيين بالكوفة، و «ابن شبيب الطائى»
الذى قاد الجيوش العباسية المتجهة إلى «العراق».
انتقلت الأسرة العباسية من «الحميمة» سرا إلى «الكوفة»، بعد إلقاء
القبض على «إبراهيم الإمام» وقتله فى أحد سجون «دمشق»، وكان
قد أوصى بتولية أخيه «عبدالله» شئون الدعوة.
وفى «الكوفة» أقامت الأسرة العباسية عند «أبى سلمة الخلال»
كبير الدعاة أربعين يومًا حتى تهيأت الظروف لمبايعة أول خليفة
عباسى وهو «عبد الله بن محمد».