السياسية، وهم: «أبو العساكر جيش بن خمارويه» (٢٨٢ -
٢٨٤هـ)، الذى خلعه الجند، فتولَّى من بعده أخوه «أبو موسى
هارون بن خمارويه» (٢٨٤ - ٢٩٢هـ)، وهو فى الرابعة عشرة من
عمره، فازدادت البلاد ضعفًا حتى مات، فتولى بعده عمه
«شيبان»، إلا أن الجند رفضوا تعيينه، وكان ذلك إيذانًا بزوال
الدولة الطولونية، وعودة «مصر» والشام والجزيرة إلى ولايات
تابعة مباشرة للخلفاء العباسيين، بعد أن استقلت منذ عهد
«أحمد بن طولون» كان «أحمد بن طولون» مثلا عاليًا للحاكم
العادل والوالى المصلح، وكان عهده عهد سلام شامل، ورخاء
تام، وفنون وآداب عالية المستوى، وخلَّف «ابن طولون» آثارًا
رائعة بقى منها جامعه الذى مازال معروفًا باسمه حتى الآن.
ومن مظاهر الحضارة فى عهد الدولة الطولونية: أ - إنشاء
القطائع: أقام «أحمد بن طولون» عاصمة خاصة به شمالى مدينة
«الفسطاط»، وبناها على نظام مدينة «سامراء» عاصمة الخلافة
العباسية، وبنى بها مستشفى عظيمًا، وقسم المدينة وجعل لكل
من كبار رجاله وقواده وغلمانه قطيعة خاصة به، وكذلك فعل مع
أرباب الحرف والصناعات والتجار، فسُميت المدينة «بالقطائع»؛
وهى ثالث عواصم «مصر» بعد «الفسطاط» و «العسكر». ب -
جامع ابن طولون: هو أحد مآثر الدولة الطولونية، فلايزال شاهد
صدق على عظمة هذه الدولة، ويقع بجهة «الصليبة» و «قلعة
الكبش»، ويُعد أقدم بناء إسلامى بقى على أصله حتى اليوم،
والناظر إليه يرى مدى ما وصلت إليه الفنون والعمارة الإسلامية
من ازدهار، وتُعدُّ مئذنته من أقدم المآذن التى لاتزال قائمة حتى
اليوم. ج - الجانب الاقتصادى: بلغت عناية الطولونيين بالناحية
الاقتصادية مبلغًا عظيمًا، ليضمنوا لبلادهم الرخاء والاستقلال،
خاصة بعد اتساع رقعة دولتهم وانضمام الشام إلى «مصر» تحت
إمرتهم، فشجعوا الصناعات وعملوا على ازدهارها، كصناعة
النسيج التى كانت أهم الصناعات فى هذا العهد، وأقاموا