وأسر «غياث الدين» وابنه «بير محمد» وأخاه الملك «محمد»
والى «سرخس» وأركان حكومته، وساقهم إلى «سمرقند»، ثم
أعدمهم فى أواخر سنة (٧٨٤هـ) وبذلك انقرضت أسرة ملوك
كرت. كانت إمارة «آل كرت» إمارة ثرية؛ إذ ضمت إلى حكمها
مناطق عدة اشتهرت بثرواتها وخيراتها ومزروعاتها، وسعة
أرضها، وعذوبة مائها، وخصوبة تربتها، فاشتهرت «هراة»
ببساتينها الكثيرة، و «غزنة» بسعة أرضها وخصوبة تربتها
ووفرة مائها العذب، وكانت تقع فى أطراف «خراسان» وتربطها
بالهند، أما «سرخس» فتقع بين «مرو» و «نيسابور» وبها خيرات
كثيرة، واشتهرت «نيسابور» (إحدى مدن خراسان) بالفواكه
والثمار، والمعادن الكثيرة وبخاصة الفيروز، كما كانت تزخر
بالعلماء الفضلاء، وتعد هذه المدينة عتبة الشرق. والواقع أن
تلك البقاع التى شملتها أقاليم «آل كرت» كانت تفيض بالخير
والثراء، فلم يجد الحكام صعوبة فى توفير احتياجات البلاد،
وكذلك لم يكن لهم طموح فى توسيع حدودهم، أو إدخال دولة
ما تحت تبعيتهم؛ إذ كانوا أنفسهم تابعين للحكم الإيلخانى
المغولى، وحرص الإيلخانيون على ولائهم وكسب ودهم، وبقاء
تبعية «آل كرت» لهم. وقد أدى استقرار الأوضاع الاقتصادية فى
دولة «آل كرت» إلى استقرار الأوضاع السياسية، فشجع
«الحكام» العلماءَ والأدباء، وعمدوا إلى مساعدتهم، فبرز منهم
عدد كبير، ومنهم «ابن يمين» (المتوفى عام ٧٦٩هـ)، وقد مدح
بأشعاره «آل كرت» والسربداريين، وتضمن شعره الحكم
والمواعظ، ومما يجدر ذكره أن العالم الجليل والقطب الكبير
«جلال الدين الرومى»، قد وُلد وعاش فى «بلخ» فى الفترة من
(٦٠٤هـ إلى ٦٧٢هـ)، وهو من أكبر شعراء الصوفية الفرس،
وصاحب كتاب «مثنوى».