الإمامة فى سنة (٢١٣هـ=٨٢٨م)، فنفذ وصية جدته «كنزة»
بتقسيم أقاليم الدولة بين إخوته، فكان لذلك أثره السيئ على
وحدة دولة «الأدارسة»، ولما يمضِ على قيامها أربعون سنة
بعد، وطمع كل أخٍ فى الاستقلال بإقليمه، وشقََّ عصا الطاعة
على السلطة المركزية. ولكن «محمد بن إدريس» تصدى لإخوته
وضم ممتلكات أخويه «عيسى» و «القاسم» بعد هزيمتهما إلى
أخيه «عمر». ولم تشهد البلاد بعد هذا التقسيم استقرارًا إلا فى
بعض الفترات مثل: عهد «يحيى بن محمد» الذى تولى الإمامة فى
سنة (٢٣٤هـ=٨٤٨م)، فازدهرت فى عهده مدينة «فاس» وشهدت
تطورًا ملحوظًا فى أنشطتها، ثم عهد «يحيى بن إدريس بن عمر
بن إدريس» عام (٢٩٢هـ= ٩٠٥م)، الذى وصفه المؤرخون بأنه كان
أعظم ملوك «الأدارسة» قوة وسلطانًا وصلاحًا وورعًا وفقهًا
ودينًا، وقد ظل بالحكم حتى سنة (٣٠٥هـ = ٩١٧م) حتى طرق
«مصالة بن حيوس» أبواب مدن «المغرب الأقصى»، فأطاعه
«يحيى بن إدريس»، وبايع «أبا عبيد الله المهدى»، فدخلت دولة
«الأدارسة» منذ ذلك الحين فى طور التبعية للفاطميين تارة،
وللحكم الأموى بالأندلس تارة أخرى.