للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزراعة وفلاحة الأرض، ولم يحاولوا الهجرة من أرضهم، بل

تمسكوا بها، ودافعوا عنها ضد أى محاولة للاعتداء أو

الاستيلاء عليها. أما العنصر الثانى من سكان «دولة الموحدين»

فهم العرب الهلالية الذين ظهروا على مسرح الأحداث، وعمد

الموحدون إلى تهجيرهم من «إفريقية» إلى «المغرب الأقصى»،

ليتخلصوا من ثوراتهم، كما استخدموهم فى عمليات الجهاد

بالأندلس، فأقبلت أعداد كبيرة منهم إلى «المغرب الأقصى»،

وانتقلت أعداد أخرى إلى الإقامة بالأندلس من خلال الحملات التى

قام بها الموحدون هناك، ثم حدد الموحدون إقامة بعض القبائل.

وقد تمتع العرب الهلالية بما يتمتع به جند الموحدين، وأقطعهم

ولاة الأمر بعض الأراضى، وأنفقوا عليهم النفقات الكبيرة،

وأغدقوا عليهم بالعطايا حتى يوفروا لهم الاستقرار ويبعدوهم

عن الفتن وإثارة القلاقل والاضطرابات. ونالت المرأة حظها من

التكريم والإنصاف والاحترام فى «دولة الموحدين»، وأتاحت لها

الظروف أن تنال حظا من العلوم المختلفة، وقسطًا من ثقافة

العصر وأدبه، وبرزت الكثيرات من النساء مثل: «زينب» بنت

الخليفة «يوسف بن عبدالمؤمن»، والشاعرة العالمة «حفصة بنت

الحاج الركونية»، و «فاطمة بنت عبدالرحمن». وعاش أهل الذمة

فى أنحاء متفرقة من البلاد، وكانت لهم أحياؤهم بالعاصمة

«مراكش» وبمدينة «سجلماسة»، وكانوا يشتغلون بالبناء. اهتم

الموحدون بالبناء والتعمير بالمغرب و «الأندلس»، وحظيت

«مراكش» و «الرباط» وغيرهما من المدن المغربية بكثير من

المنشآت الموحدية، وأنشأ الخليفة «عبدالمؤمن» «مدينة الفتح»،

كما شيد المساجد والقصور فى أنحاء متفرقة من البلاد، وكان

«المنصور» مولعًا بالعمارة، فشهدت البلاد نهضة معمارية

استمرت طيلة عهده. شهدت «بلاد المغرب» حركة فكرية نشيطة

فى عهد المرابطين، واستمرت كذلك فى عهد الموحدين،

وساعدها على ذلك استقرار الأوضاع بالبلاد، والصلة الوثيقة بين

<<  <  ج: ص:  >  >>