دولته بمصاهرة الحفصيين، حيث زوج إحدى بناته لعثمان ابن
الأمير الحفصى «أبى إسحاق»، فأمن بذلك شرهم، وهجماتهم
على الحدود الشرقية لدولته. كانت القبيلة من أهم العوامل التى
أثرت فى سياسة دولة «بنى زيان» وكيانها؛ حيث دخلت هذه
الدولة فى صراع طويل مع قبائل: «بنى توُين» و «مغرادة» من
البربر، و «بنى عامر سويد» من العرب، لرفض هذه القبائل
الخضوع لغيرها، ولتعصبها لبنى جلدتها وقبيلتها، وشقت عصا
الطاعة، ثم زادت حدة موقفها بعد وفاة «يغمراس» فى سنة
(٦٨١هـ= ١٢٨٢م)، واضطر الأمير «عثمان» الذى خلف والده
«يغمراس» إلى مواجهتهم، فاستولى على «مازونة» من
«مغرادة» فى سنة (٦٨٦هـ= ١٢٨٧م)، ثم احتل مدينة «تنس»،
ودخل «إنشريش» ولكن هذا الاتساع عاد إلى الانكماش ثانية
نتيجة احتلال «بنى مرين» للمغرب الأوسط، وحصارهم «تلمسان»
فى سنة (٦٩٨هـ= ١٢٩٩م)، وعادت القبائل مرة أخرى إلى التمرد
والعصيان عقب وفاة الأمير «عثمان»، فخرج إليهم الأمير «أبو
زيان محمد الأول» (٧٠٣ - ٧٠٧هـ= ١٣٠٣ - ١٣٠٧م)، ثم خضعت هذه
الدولة أكثر من مرة لدولة بنى مرين مثلما حدث فى سنة (٦٧٠ -
٦٨٠هـ= ١٢٧١ - ١٢٨١م) وسنة (٦٨٩هـ= ١٢٩٠م) وسنة (٧٣٧ -
٧٤٩هـ= ١٣٣٦ - ١٣٤٨م) ولكن بنى زيان كانوا يرفضون هذا
الخضوع، وينتهزون الفرصة للعودة إلى حكم بلادهم. وقد عاشت
هذه الدولة فى حروب واضطرابات دائمة، ونشبت الخلافات بين
أفراد البيت الزيانى، وأدى التهافت على السلطة بينهم إلى أن
يشهر الولد السيف فى وجه أبيه، بل يتعدى ذلك، ويقتل أباه،
مثلما حدث مع «أبى تاشفين (الثانى) عبد الرحمن» (٧٩١ -
٧٩٥هـ=١٣٨٩ - ١٣٩٣م) ووالده السلطان «أبى حمو موسى
(الثانى) بن يوسف»، حين خلع «تاشفين» أباه من السلطة،
واستولى على الحكم، ثم اعتقل أباه وإخوته فى سنة (٧٨٨هـ=
١٣٨٦م) فقامت حروب بين أفراد هذه الأسرة، وعاد «أبو حمو»
إلى عرشه، واستعان «ابنه تاشفين» ببنى مرين عليه، وحاربه،