والتجارة كما هو معروف لا تنشط إلا فى جو من السلام والأمن
والعلاقات الطيبة، كما أن أخلاق الإفريقيين، وطباعهم كانت
قريبة من طباع العرب الذين اعتاد الأفارقة رؤيتهم ورؤية
أحفادهم يوغلون فى البلاد ويعملون بالتجارة وينشرون الإسلام
والوئام بين الناس، فظهر التآلف واتحدت الأهواء والميول، وظهر
ما يعرف بالشعب السواحيلى. وقد دعم «النباهنة» هذه الثقافة
السواحيلية ذات الطابع الإسلامى وذلك بالعمل على نشر التعليم
الدينى فى المساجد والمدارس والكتاتيب التى وفد إليها كثير
من الوطنيين الأفارقة ليحفظوا القرآن الكريم ويتعلموا الكتابة
بالحروف العربية، بل ويتعلموا اللغة العربية ذاتها، حتى يتمكنوا
من التعمق فى فهم عقيدة الإسلام وتراثه الدينى واللغوى،
وهكذا نرى أن سلطنة «بات» النبهانية قد فرضت نفوذها على
معظم أنحاء الساحل الشرقى لإفريقيا، وأنشأت حضارة
إسلامية تغلغلت جنوبًا وحملها المهاجرون والتجار العرب معهم لا
إلى الساحل فقط، بل إلى الجزر المواجهة له مثل جزر «كلوة»
و «زنجبار» و «بمبا» و «مافيا»، مكونة بذلك دولة كبيرة تعدد
سلاطينها حتى بلغ عددهم اثنين وثلاثين سلطانًا، وقد ظلت هذه
السلطنة قائمة رغم مهاجمة البرتغاليين لها، وبعد طردهم برز
العُمانيون فى الميدان ووضعوا أيديهم على هذا الساحل بما فيه
سلطنة «بات»، وظل الأمر على هذا النحو حتى جاء الإنجليز
واحتلوا هذه البلاد قرب نهاية القرن التاسع عشر للميلاد، حتى
تحررت وصارت تعرف اليوم باسم «جمهورية كينيا».