و «الموصل»؛ مما يجعلها سوقًا للبضائع والمنتجات، وملتقى للقوافل
التجارية البرية والنهرية؛ إذ إنها تقع أيضًا على طريق «الشام» -
الخليج العربى.
هذا بالإضافة إلى طبيعة المكان السهلة والمفتوحة؛ مما يشبع رغبة
العرب والمسلمين الذين اعتادوا السكنى فى مثل هذه الأماكن.
وقد حشد «المنصور» لبنائها العمال المهرة فى الصناعة والبناء،
وابتدأ فى بنائها سنة (١٤٥هـ= ٧٦٢م)، وفقًا لأرجح الأقوال.
وقد تم تصميم المدينة على شكل دائرى، يحيط بها سور، ولها أربعة
أبواب، وبلغت نفقات بنائها حينئذٍ ثمانية عشر مليون درهم، وأُطلق
عليها اسم «دار السلام»، إلا أن الشائع هو اسمها القديم «بغداد».
مدينة سامراء:
أسسها الخليفة العباسى «المعتصم بالله» (٢١٨ - ٢٢٧هـ = ٨٣٣ -
٨٤٢م) وجعلها عاصمة للخلافة، وقد دفعه إلى إنشائها احتكاك
الجنود الأتراك الذين جلبهم الخليفة للإقامة معه فى «بغداد»، بسكان
المدينة وجنودها السابقين، مما أدى إلى حدوث إصابات كثيرة بين
سكان «بغداد» ومقتل كثير من النساء والأطفال والشيوخ، فاضطر
الخليفة «المعتصم بالله» إلى البحث عن مكان جديد، ينتقل إليه مع
جنوده وحاشيته؛ فوقع الاختيار على أرض «سامراء»، على بعد
ستين ميلاً شمالى «بغداد».
وقد حشد لها «المعتصم» العمال والبنائين وأهل الصناعات المهرة،
وشرع فى بنائها سنة (٢٢١هـ= ٨٣٦م).
ثالثًا: الحياة الفكرية:
شهد العصر العباسى الأول نهضة فكرية عظيمة، وطفرة ثقافية
كبيرة فى شتى مجالات العلم والمعرفة نتيجة امتداد رقعة «الدولة
العباسية» ووفرة ثروتها ورواج تجارتها واهتمام الخلفاء بالحياة
الفكرية.
وقد ميز علماء المسلمين بين نوعين من العلوم:
١ - علوم تتصل بالقرآن الكريم، وهى «العلوم النقلية أو الشرعية»،
وتشمل علم التفسير، وعلم القراءات، وعلم الحديث، والفقه، وعلم
الكلام، والنحو، واللغة والبيان والأدب.
٢ - علوم أخذها العرب عن غيرهم من الأمم، وهى «العلوم العقلية»