أوصى «طغرل بك» بأن يخلفه بعد موته ابن أخيه «سليمان بن
داود جغرى»؛ حيث إنه لم يخلف ولدًا، وفى (٨ من رمضان سنة
٤٥٥هـ = سبتمبر سنة ١٠٦٣م) توفى «طغرل بك» بمدينة «الرى»
ببلاد «الجبل»، وعمره نحو سبعين عامًا، وقد نفذ «عميد الملك
الكندرى» وصية «طغرل بك»، ولكن الناس كانوا أميل إلى «ألب
أرسلان»، فأمر «عميد الملك» بالخطبة له وتم الأمر له بمساعدة
وزيره «نظام الملك»، وأصبح سلطانَ «السلاجقة». وعقب تولِّى
«ألب أرسلان» سلطنة «السلاجقة»، أقر «عميد الملك الكندرى»
وزير عمه «طغرل» فى منصبه، ولكنه سرعان ما تغير عليه
فعزله فى شهر (المحرم سنة ٤٥٦هـ = ديسمبر سنة ١٠٦٣م)،
وسجنه، ثم دبر قتله فى شهر (ذى الحجة سنة ٤٥٦هـ = نوفمبر
سنة ١٠٦٤م)، ويبدو أن «نظام الملك» لعب دورًا فى ذلك. وبعد
عزل «عميد الملك»، عين «ألب أرسلان» «نظام الملك» وزيرًا له،
وكان وزيره أثناء إمارته على «خراسان» قبل توليه السلطنة،
ويُعدُّ «نظام الملك» أشهر وزراء «السلاجقة» كما يعد من أشهر
الوزراء فى التاريخ الإسلامى. استطاع «ألب أرسلان» أن يوسع
حدود مملكة «السلاجقة» التى ورثها عن عمه «طغرل»، وأن
يسجل انتصارات رائعة ضد أعدائه فى الداخل والخارج، فنجح
فى القضاء على حركات العصيان فى «خراسان» و «ما وراء
النهر» و «أذربيجان»، وتمكن من تعزيز الوجود الإسلامى فى
«أرمينيا» بعد انتصاره فى معركة ملاذكرد الشهيرة، واستولى
على «حلب» وقضى على النفوذ الفاطمى بها. وعقب وفاة «ألب
أرسلان» تولى السلطنة ابنه «ملكشاه» بعهد من أبيه، وتولى
«نظام الملك» أخذ البيعة له، وأقره الخليفة «القائم بأمر الله»
على السلطنة. لم يكتفِ «ملكشاه» بإقرار «نظام الملك» فى
الوزارة كما كان فى عهد أبيه، بل زاد على ذلك بأن فوض إليه
تدبير المملكة، وقال له: «قد رددت الأمور كلها كبيرها وصغيرها
إليك، فأنت الوالد»، ولقبه ألقابًا كثيرة، أشهرها لقب «أتابك»،