وفاته بعامين. وقد اتسعت حدود «الدولة السلجوقية» فى عهد
«ملكشاه» اتساعًا غير مسبوق، من حدود الصين إلى آخر
«الشام»، ومن أقاصى بلاد الإسلام فى الشمال إلى آخر بلاد
«اليمن»، وحمل إليه ملوك الروم الجزية. وترجع عظمة «الدولة
السلجوقية» فى عهد «ملكشاه» إلى اتساع حدودها وازدهار
الحركة الثقافية فيها بصورة جديرة بالإعجاب. وكان لنظام الملك
أثر متميز وجهد خلاق فى ذلك، على المستوى الإدارى
والعسكرى، والثقافى. فاهتم بإنشاء العديد من المدارس التى
نسبت إليه فى أنحاء الدولة، فسميت بالمدارس النظامية، وكان
أشهرها: «نظامية بغداد» التى تخيَّر «نظام الملك» مشاهير الفكر
والثقافة فى العالم الإسلامى للتدريس فيها مثل: «حجة الإسلام
أبى حامد الغزالى» صاحب كتاب «إحياء علوم الدين»، الذى
فوض إليه «نظام الملك» مهمة التدريس فى «المدرسة النظامية»
ببغداد، ثم فى «المدرسة النظامية» بنيسابور، التى كان إمام
الحرمين أبو المعالى الجوينى يقوم بالتدريس فيها. وقد أسهمت
هذه المدارس النظامية فى تثبيت قواعد المذهب السنى والدفاع
عنه ضد مختلف البدع والأهواء والمذاهب المنحرفة التى انتشرت
فى ذلك الوقت. وقد كان «نظام الملك» مؤلفًا مرموقًا أيضًا، فهو
مؤلف كتاب «سياسة نامه» الذى تحدث فيه عن كيفية تدبير
شئون الملك، وفضح معتقدات الحشاشين وغيرهم من الخارجين
عن الدين. ثم بدأت مظاهر الضعف تنتشر فى جسم «الدولة
السلجوقية» عقب وفاة «ملكشاه»، فظهر الانقسام والتمزق
والفتن، باستثناء فترة حكم السلطان «معز الدين سنجر أحمد»؛
حيث شهدت الدولة قوة وصحوة مؤقتة.