أمر عبدالملك بقتل المقاتلة وسبى النساء والذرية، ثم رجع إلى
العاصمة فى شهر ربيع الثانى. وفى شوال من العام نفسه خرج
عبدالملك بغزوته السابعة والأخيرة وتعرف «بغزوة العلة»؛ إذ إنه
ما كاد يصل إلى مدينة سالم حتى اشتد به المرض وتفرق عنه
المتطوعة، واضطر إلى الرجوع إلى قرطبة فى (المحرم ٣٩٩هـ =
سبتمبر ١٠٠٨م) لكنه شعر بتحسن فى صحته فعمل على
استئناف الغزو بعد فترة وجيزة لكن حالته ساءت، وتعرض
لنكسة سببها التهاب رئوى، وعاد إلى العاصمة فى محفة حيث
مات فى (١٦ من صفر سنة ٣٩٩هـ = ٢١ من أكتوبر ١٠٠٨م) بعد
حكم دام نحو سبع سنوات. أسلوب عبدالملك فى الإدارة والحكم:
التزم عبدالملك الأسلوب الذى كان يحكم به والده الأندلس فجعل
الخليفة محجورًا عليه لاحول له ولاقوة. وجمع السلطات كلها فى
يديه، وحدَّ من نفوذ الوزراء والكتاب وراقبهم وحاسبهم، وجلس
للناس وهجر اللهو، وعمل على تنمية الموارد وترتب على هذا
تحسن فى الأحوال المالية التى كانت قد ساءت بسبب كثرة
النفقات. ولم يكن لعبدالملك نصيب كبير فى مجالات العلم والأدب
وكان مجلسه لايقوم إلا على الأعاجم من البربر وغيرهم، ومع
ذلك فقد استمر يجرى الرواتب التى كان أبوه يجريها على
العلماء والأدباء والندماء، كما استمع إلى الشعر ووصل
الشعراء. عبدالرحمن بن شنجول قلد الخليفة هشام الحجابة
لعبدالرحمن بن منصور، وأنعم عليه بالخلع السلطانية، وكانت
أمه ابنة لملك «نبرة» تزوجها «المنصور» وأنجب منها، وقد
أسلمت وتسمت باسم «عبدة» ولأنه أشبه جده لأمه المسمى
«شانجة» لقب بشنجول أو شانجة الصغير. ولم يكن الشعب يميل
إلى «عبدالرحمن» لما فيه من دماء نصرانية ولانحراف سلوكه،
ولأنه جرى على منهج أبيه وأخيه فى الحجر على الخليفة هشام
مع الاستبداد بالرأى وإن مال هو إلى التودد إلى الخليفة
ومخالطته، وقد منحه الخليفة لقب المأمون ناصر الدولة بعد
عشرة أيام من ولايته، ليس هذا فحسب، بل إن عبدالرحمن جرؤ