ودهائه وعلمه وجدله، ثم تظاهر بعد انقضاء موسم الحج برغبته
فى السفر معهم إلى «مصر»، للتدريس لأبنائها، فاصطحبوه
معهم، فلما وصلوها، ألحوا عليه بمصاحبتهم إلى بلادهم،
فوافقهم، وذهب معهم إلى المغرب فى سنة (٢٨٩هـ= ٩٠٢م)،
واتخذ من «إيكجان» مستقرا له، لأنها نقطة التقاء حجاج
«الأندلس» و «المغرب الأقصى»، والمتوجهين لأداء فريضة الحج.
وبدأ «أبو عبدالله» فى تنفيذ خطته، وتظاهر بتعليم الصبية،
وإلقاء دروسه عليهم، فزاده ذلك مكانة ومنزلة بين أبناء
«كتامة»، وذاع صيته بين القبائل، وقصده البربر من أماكن
متفرقة، لينهلوا من علمه، ويستفيدوا من نصائحه، ثم عمد «أبو
عبدالله» إلى مصارحة بعضهم - بعد أن اطمأن إليهم- بحقيقة
أمره، ورغبته فى إقامة دولة لآل البيت تقوم على أكتاف قبيلة
«كتامة»، لأن الروايات - كما ادَّعى لهم - جاءت بذلك، وأخبرت
عما ينتظرهم من عز الدنيا وثواب الآخرة. وأخذ «أبو عبدالله»
على عاتقه تنظيم صفوف أبناء «كتامة» وبعض أبناء القبائل
الأخرى، وقسَّمهم إلى سبعة أقسام، وجعل على رأس كل قسم
منها داعية يطمئن إليه، فاستطاع بهذا الأسلوب العملى إقامة
مجتمع يدين بفكرة واحدة؛ هى إقامة الدولة المثالية التى
يحكمها إمام من آل البيت. وقد اتخذ «أبو عبدالله الشيعى» من
أبناء «كتامة» جندًا يدافعون عن الدعوة، ويهاجمون القوى
السياسية الموجودة بالمنطقة، وهى: «الأغالبة» بالمغرب
الأدنى، و «الرستميون» بالمغرب الأوسط، و «بنو مدرار»
بسجلماسة بجنوب «المغرب الأقصى» وبقايا «الأدارسة» بمدن
«المغرب الأقصى»، وترتَّب على ذلك دخول «أبى عبدالله
الشيعى» فى عدة معارك مع هذه القوى، كانت أشهرها معركة
«كنيونة»، التى انتصر فيها على «الأغالبة» فى سنة (٢٩٣هـ=
٩٠٦م)، ثم توالت انتصاراته بعد ذلك، ودخل مدينة «رقادة»
وقضى على نفوذ «الأغالبة»، ثم دعا «المهدى الفاطمى» إلى
«المغرب» لتسلم مقاليد الأمور؛ فلبى الدعوة، وتخفَّى فى زى