أمام «المنصورة»، فأعملت «شجرة الدر» عقلها وتجلى
ذكاؤها، وأخفت خبر وفاته عن الناس فى تلك الفترة العصيبة
من تاريخ «مصر» و «الشام»، وأمرت أحد أطبائه بغسل جثمانه
ووضعه فى تابوت، ثم حمله فى الظلام إلى «قلعة الروضة»، ثم
إلى «قبو» بجوار المدرسة الصالحية ودفنه هناك، وأخبرت
الأمراء أن «السلطان مريض لا يصل إليه أحد»، ولم تعلن خبر
وفاته إلا بعد انتصار المسلمين على الصليبيين، ورد حملتهم،
فاستمر العزاء ثلاثة أيام بلياليها بمدرسته، وبعثت «شجرة الدر»
بالسناجقة السلطانية، وأمرت بأن تُعلَّق داخل القاعة على ضريح
«الملك الصالح»، ليرى الزائر آلات الجهاد التى كان يحملها آخر
سلاطين «بنى أيوب» فى جهاده ضد الصليبيين فى معركة
«المنصورة»، فقد كان «الصالح أيوب» من أعظم سلاطين
«مصر» وأشجعهم. المعظم توران شاه [٦٤٧ - ٦٤٨ هـ = ١٢٤٩ -
١٢٥٠م]: قبل أن تعلن «شجرة الدر» عن وفاة الملك «الصالح
أيوب» أرسلت فى استدعاء ابنه «توران شاه» الذى كان غائبًا
عن «مصر»، فقد كان فى «حصن كيفا»، وقبل وصوله أصدرت
أوامرها للأمراء وأكابر رجال الدولة بأن يحلفوا يمين السلطنة
لتوران شاه، وأمرت خطباء المساجد بالدعاء له، وأدارت
«معركة المنصورة» حتى وصل «توران شاه»، فتسلم قيادة
الحرب وزمام الملك، ولم يمكث على عرش السلطنة أكثر من
شهرين، ثم خرج لملاقاة الصليبيين الذين دخلوا «المنصورة»،
وأخذوا يتقدَّمون نحو «القاهرة»، فتصدَّى لهم، وقاد المعركة
بمهارة فائقة حتى تم النصر للمسلمين، فأحبه الناس وقدروه، إلا
أن سيرته لم تكن حسنة، فقتل سنة (٦٤٨هـ). نهاية الدولة
الأيوبية: تولت «شجرة الدر» زمام سلطنة «الأيوبيين» فى «مصر»
لمدة ثمانين يومًا عقب مقتل «توران شاه»، ثم تزوجت «عز الدين
أيبك» التركمانى، وتنازلت له عن العرش بسبب المشاكل التى
واجهتها، وعدم رضى الخليفة العباسى عن توليها السلطنة،
ولكن «عز الدين» كان رجلا ضعيف الرأى، فأسدل الستار على