«أبو السعود أفندى» صاحب التفسير المعروف «إرشاد العقل
السليم إلى مزايا الكتاب الكريم». وكانت اللغة العربية هى
السائدة فى جميع المدارس والجامعات العثمانية، على حين
استخدمت اللغة التركية فى الأعمال الحكومية فقط. وعنى
السلاطين العثمانيون بالأدب والشعر، فكان السلطان «مراد
الثانى» (٨٠٥ - ٨٥٥هـ= ١٤٠٢ - ١٤٥١م) يعقد مجلسًا فى قصره،
يدعو إليه الشعراء ليتسامروا ويقرضوا الشعر بين يديه، وكان
يشجع حركة الترجمة من العربية إلى التركية، وجعل من قصره
مكانًا للمترجمين، فأصبح كأنه أكاديمية علمية. ثم خلفه ابنه
«محمد الفاتح» الذى وصفه المؤرخون بأنه راعٍ لنهضة أدبية،
وشاعر مجيد، وكان يجيد عدة لغات، ويداوم على المطالعة
وبخاصة الكتب العربية التى ملأت مكتبته، ويعنى بالأدب عامة
والشعر خاصة، ويصاحب العلماء والشعراء ويصطفيهم، وقد
استوزر منهم الكثير، مثل: «أحمد باشا» و «قاسم الجزرى
باشا»، وعهد إلى الشاعر الأناضولى «شهدى» أن ينظم قصيدة
تصور التاريخ العثمانى باللغة الفارسية على غرار «الشاهنامة»
التى نظمها «الفردوسى». وكان «محمد الفاتح» إذا سمع بعالم
متبحر فى فن من الفنون فى الهند أو فى السند استماله
بالإكرام، وأمده بالمال، وأغراه بالمناصب، ومثال ذلك: أنه
استقدم العالم الكبير «على قوشجى السمرقندى» وكانت له
شهرته فى الفلك، كما كان يرسل كل عام مالاً كثيرًا إلى
الشاعر الهندى «خواجه جهان» والشاعر الفارسى «جامى».
وبرع «الفاتح» نفسه فى نظم الشعر، حتى اتخذ لنفسه اسمًا
شعريا يستخدمه فى أشعاره التى تعكس رقة إحساسه،
ورهافة مشاعره، وتبرز تكوينه الدينى. وخلفه ابنه «بايزيد
الثانى» وكان عالمًا فى العلوم العربية، وفى الفلك، ومهتما
بالأدب ومكرمًا للشعراء والعلماء. وكان السلطان «سليم الأول»
شغوفًا بالشعر والشعراء والعلم والعلماء، حتى إنه صحب معه
فى حملته على «فارس» الشاعر «جعفر ُلبى»، واصطحب فى