صاحب شرطة قط مثله، كان لا يحبس إلا فى دين - أى: من أجل
مخالفة لتعاليم الدين - وكان إذا أُتى برجل قد نقَّب على قوم
وضع منقبته فى بطنه حتى تخرج من ظهره، وإذا أُتى بنبَّاش
حفر له قبرًا فدفنه فيه، وإذا أُتى برجل قاتل بحديدة أو شهر
سلاحًا قطع يده، وإذا أتى برجل قد أحرق على قوم منزلهم
أحرقه .. فكان ربما أقام أربعين ليلة لا يؤتى بأحد - لخوف الناس
منه لشدته وهيبته - فضم إليه الحجاج شرطة البصرة مع شرطة
الكوفة». وبعد هذا الحديث الموجز عن النظم والإدارة فى العصر
الأموى يمكن القول: إن إدارة الأمويين للدولة الإسلامية كانت
إدارة حسنة بصفة عامة، تقوم على أسس ثابتة، تبغى الصالح
العام، وإشاعة الأمن والاستقرار فى الدولة المترامية الأطراف،
وإن شاب ذلك بعض القصور والأخطاء، وحسب الأمويين أنهم لم
يكفُّوا عن تطوير أجهزة الدولة ودواوينها التى كانت موجودة
قبلهم، واستحدثوا غيرها حين دعت الضرورة إلى ذلك، وأنهم
بذلوا جهدًا فى التدقيق فى اختيار الولاة والعمال والموظفين،
وأحسنوا مراقبتهم ومتابعتهم، ونجحوا فى ذلك إلى حد كبير.