«المدينة» وغيره من ولاة الأقاليم، وطلب منهم جمع أحاديث
النبى - صلى الله عليه وسلم - وتدوينها، ومن ثم بدأ المسلمون
يقبلون على ذلك، وبمضى الزمن تضاعفت جهود العلماء فى هذا
الميدان، ومن أشهر الرجال الذين اشتغلوا بجمع الحديث وروايته
وتدوينه فى العصر الأموى: «محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى»
المتوفى سنة (١٢٤هـ)، و «ابن جريج المكى» المتوفى سنة
(١٥٠هـ)، و «ابن إسحاق» المتوفى سنة (١٥١هـ)، و «معمر بن
راشد اليمنى» المتوفى سنة (١٥٣هـ)، و «سفيان الثورى»
المتوفى سنة (١٦١هـ)، و «مالك بن أنس» المتوفى سنة (١٧٩هـ)،
غير أن هؤلاء كلهم عدا «ابن شهاب الزهرى» عاشوا صدر
حياتهم فى العصر الأموى وآخرها فى العصر العباسى. لكن
الخطوات الحاسمة فى تدوين الحديث، ووضع المنهج العلمى
الدقيق لتوثيقه، وقبول روايته، وتصنيفه إلى صحيح وحسن
وضعيف، ووضع علومه، وقواعد الجرح والتعديل - أى نقد رجال
السند - كل ذلك جاء فى القرن (٣ هـ = ٩ م)، بظهور أئمة الحديث
كالبخارى و «مسلم»، و «الترمذى»، و «النسائى»، و «أبى
داود» وغيرهم، وذلك فى العصر العباسى.