للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يستطيع الباحثون عن جذور الحروب الصليبية التى حدثت فيما بعد

أن يتجاهلوا دور هذه المعركة (ملاذكرد) فى تهيئة الظروف التى أدت

إلى هذه الحروب.

مقتل ألب أرسلان وانتقال السلطة إلى ابنه ملكشاه:

فى أوائل عام (٤٦٥هـ = ١٠٧٣م) توجه «ألب أرسلان» إلى بلاد «ما

وراء النهر» لتأديب أمير «بخارى» الثائر «شمس الملك نصر»، وبينما

هو فى طريقه جاءوا إليه بأمير إحدى القلاع، واسمه «يوسف

الخوارزمى» مقيدًا بسبب عصيانه، وأغلظ «يوسف» القول للسلطان،

فطلب «ألب أرسلان» فك قيوده ليقتله بنفسه، ولكن «يوسف» كان

أسرع من السلطان فطعنه بخنجر كان معه، فمات السلطان «ألب

أرسلان» بعد أيام متأثرًا بجراحه فى (١٠ من ربيع الأول سنة ٤٦٥هـ

= أواخر نوفمبر سنة ١٠٧٢م)، وعمره أربعون أو خمس وأربعون

سنة.

وقد كان «ألب أرسلان» - بإجماع المؤرخين - من عظماء سلاطين

«السلاجقة»، وكان قائدًا عسكريا من الطراز الأول، وسياسيا محنكًا

وحاكمًا عادلاً، فلم يتجاوز فى جمع الأموال من الرعية، وكان كثير

الصدقات خاصة فى رمضان، بارا بأهله وأصحابه ومماليكه، شهمًا ذا

مروءة، ولم يكن يسمح للدسائس أن تعرف طريقها إليه، فقد حاول

أحد الوشاة مرة أن يفسد ما بينه وبين وزيره «نظام الملك»، فكتب

له كتابًا يبين له فيه ما يرتكبه الوزير من مخالفات، وتركه له على

مُصلاه فعندما أخذه «ألب أرسلان» وقرأ ما فيه، سلَّمه إلى «نظام

الملك» وقال له: خذ هذا الكتاب، فإن صدقوا فى الذى كتبوه، فهذب

أخلاقك، وأصلح أحوالك، وإن كذبوا فاغفر لهم زلتهم واشغلهم بمهم

يشتغلون به عن السعاية بالناس.

وعقب وفاة «ألب أرسلان» تولى السلطنة ابنه «ملكشاه» بعهد من

أبيه، وتولى «نظام الملك» أخذ البيعة له، وأقره الخليفة «القائم بأمر

الله» على السلطنة.

استمرار نظام الملك فى الوزارة واتساع نفوذه فى عهد ملكشاه:

لم يكتفِ «ملكشاه» بإقرار «نظام الملك» فى الوزارة كما كان فى

<<  <  ج: ص:  >  >>