العصر، فإذا هى تفيض قوة ونشاطًا وتجددًا.
٢ - الجانب الاقتصادى والعمرانى:
من الطبيعى أن يرتبط الجانب العمرانى بالجانب الاقتصادى فى
الدولة، فلا عمران إلا باقتصاد قوى. وقد ازدهرت الحياة الاقتصادية
ازدهارًا ملحوظًا فى بعض ممالك الدولة العباسية فى العصر الثانى،
ولكننا نلاحظ أن السلطة المركزية نفسها لم يعد لها من القوة
الاقتصادية ما كان لخلفاء العصر العباسى الأول، وذلك بسبب تحكم
الأمراء الذين استأثروا بالنفوذ الحقيقى، ومن هنا نلاحظ أن اقتصاد
بعض الإمارات التى كانت تنتمى لدولة الخلافة العباسية من الناحية
الشكلية كان أقوى من اقتصاد الخلافة نفسها، بل إن الخليفة فى
بعض الأحيان كان مجرد موظف تابع لهؤلاء الأمراء الذين يحددون له
راتبه ونشاطه.
وقد توافرت مصادر القوة الاقتصادية فى دولة الخلافة العباسية فى
عصرها الثانى، وكان للتقدم العلمى الكبير الذى شهده هذا العصر
أثره الملحوظ فى تحقيق الازدهار الاقتصادى القائم على أسس علمية
صحيحة، وقد لعبت النهضة الزراعية دورها فى تحقيق هذا الازدهار
الاقتصادى، فقد كانت دولة الخلافة تضم أراضى شاسعة تتسم
بالخصوبة والصلاحية لإنتاج شتىالمحاصيل. وقامت المدارس الزراعية
التى انتشرت فى أرجاء دولة الخلافة العباسية فى ذلك الوقت بجهد
علمى كبير فى نشر الوعى الزراعى الصحيح، فتعددت المحاصيل
وأدخلت أنواع جديدة منها، وزاد إنتاجها نتيجة استعمال الأسمدة
المناسبة.
وارتبط بذلك إعادة تطوير نظام الرى الذى حول منطقة ما بين النهرين
إلى جنة وارفة الظلال، كما ازدهرت فلاحة البساتين القائمة على
أسس علمية ازدهارًا كبيرًا وانتشرت كل أنواع النباتات والزهور،
«وكانت الزهور تزرع حتى فى أصغر المنازل»، وارتبط بنمو الثروة
الزراعية نمو الثروة الحيوانية، كما ظهرت الصناعات المعتمدة على
الإنتاج الزراعى كمصانع النسيج ومعامل تكرير السكر.
وقد اشتهرت صناعات أخرى فى العصر العباسى الثانى كصناعة