بصفة عامة - فلم يكونوا بالمكان الذى يجعلهم قادرين فى الأمور
بصورة مستقلة طوال معظم هذه الفترة.
٣ - الجانب الإدارى:
كان لضعف الخلافة العباسية المركزية فى العصر الثانى تأثير واضح
فى النظام الإدارى فى دولة الخلافة، وأوضح مظاهر هذا التأثير يبدو
فى نظام «الوزارة»، فقد كانت الوزارة فى العصر العباسى الأول -
بصفة عامة - تابعة للخليفة خاضعة لنفوذه، وعندما كان الوزراء
يحاولون التصرف بصورة مستقلة كانوا يجدون ما يردعهم من بطش
الخليفة، أما فى العصر العباسى الثانى فقد اختلف الأمر، وقد
استمرت الوزارة فى فترة نفوذ الأتراك، ولكن الوزراء كانوا أكثر
استقلالاً ونفوذًا وسطوة وتنامت ثرواتهم لأنهم لم يكونوا يجدون
الخليفة الحازم الذى يحاسبهم أشد الحساب، وهذا إذا استثنينا فترة
صحوة الخلافة.
فلما كانت السنوات الأخيرة فى فترة نفوذ الأتراك بطل منصب الوزارة
وحل محله منصب أمير الأمراء الذى جار تقريبًا على كل سلطات
الخليفة، فلما وقعت الخلافة تحت النفوذ البويهى زال أيضًا منصب
أمير الأمراء، فلم يعد هناك للخليفة وزير ولا أمير للأمراء، وتصرف
البويهيون فى كل شئون الخلافة تصرفًا مطلقًا وحرموا الخليفة حتى
من سلطاته الشكلية، مع أنهم اتخذوا لأنفسهم وزراء.
وفى فترة النفوذ السلجوقى عاد منصب الوزارة، وأصبح للخليفة
وزيره، وللسلطان السلجوقى وزيره، ولكن السلطة الحقيقية كانت
فى يد السلطان السلجوقى ووزيره، رغم أن السلاجقة عاملوا الخلفاء
بما يستحقون من توقير.
وبعد زوال نفوذ السلاجقة أصبح للخلفاء وزراؤهم المستقلون عن
نفوذ الخليفة، ولكن الخلافة فى هذه الفترة كانت فى طريقها إلى
الزوال الكامل، ولم تكد دولة الخلافة تتجاوز بغداد وبعض الأقاليم
الأخرى المحدودة.
وقد تطور منصب الكتابة فى العصر العباسى الثانى تطورًا ملحوظًا،
فاتسعت سلطة الكاتب وتنامى نفوذه، وكان الكاتب يرأس ديوان