«بخارى» و «سمرقند» فى أيدى المغول فزادت حالته النفسية
سوءًا.
ومما لاشك فيه أن السرعة التى تمتعت بها جيوش المغول فى
الاقتحام والتوغل، كانت من العوامل التى تركت آثارًا نفسية بعيدة
الغور فى نفوس المسلمين، مثلها فى ذلك مثل المذابح الرهيبة التى
نصبوها بعد فتح المدن المحاصرة؛ وهى المدن التى تركوها
خرابًا يبابًا، ليس فيها نفس واحد يتردد، كمدينة «نيسابور»
التى قتلوا كل من فيها من الأحياء حتى القطط والكلاب،
وبقروا بطون الحوامل، وأخرجوا الأجنة منها وذبحوها.
ولاشك أنه كانت هناك أسباب أخرى أدت إلى حدوث هذه الحالة من
الشلل التى أصابت تفكير الناس وحركتهم تجاه المغول أثناء غزوهم
لبلادهم، فإلى جانب السرعة التى تمتع بها المغول فى التحرك
والقسوة المتعمدة، ساعد مظهرهم البغيض، وما كانوا عليه من
عادات قبيحة كريهة على زيادة الرعب والفزع والقلق والخوف فى
قلوب الناس.
وكان المغول إذا أرادوا الإغارة على مدينة، بعثوا برسالة إلى أهلها
ويختمونها بقولهم: «ولسنا نعلم ماذا تفعل بكم الأقدار إذا لم تسرعوا
إلى تقديم الخضوع والاستسلام لنا، والله وحده هو الذى يعلم ما هو
نازل بكم».
وهكذا نظر المسلمون إلى المغول وتصرفاتهم بالكثير من الاشمئزاز
والنفور والكراهية، باعتبارهم غير خاضعين للمقاييس والمعايير
الإنسانية الأساسية، ولذلك امتلأت نفوس الناس بالرعب منهم.
تعرض «السلطان محمد» لمحاولة قتله على أيدى بعض المتمردين من
قادته قبل أن يدخل «نيسابور»، إلا أنه تمكن من النجاة، وسارع
بالتوجه إلى «نيسابور»، فلما دخلها جاءته الأخبار بأن «جنكيزخان»
بعث جيشًا كبيرًا فى أثره للقضاء عليه، فانطلق بقواته المتبقية إلى
الشمال الغربى، فما لبثت هذه القوات التى كانت تصاحبه أن انفرط
عقدها، وتفرقت من حوله، واستطاع «السلطان محمد» أن يهرب
بنفسه ومعه بعض أولاده إلى جزيرة منعزلة فى «بحر قزوين»، ثم