للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووفد على السلطان «محمد بن تغلق» الكثير من العلماء والأدباء

والفلاسفة، فقد كان هذا السلطان أديبًا وشاعرًا، كما كان فيلسوفًا

وطبيبًا بارعًا. ولم يكن «فيروز شاه» أقل منه اهتمامًا بالعلم وأهله،

إذ أسس ثلاثين مدرسة لعلوم الدين واللغة والتاريخ والحكمة

والرياضيات والفلك والطب، وجلب العلماء المسلمين إلى السلطنة

للتدريس بهذه المدارس، وعنى بدراسات «الهند» وعلومها القديمة

للاستفادة منها.

وقد لاحظ «ابن بطوطة» فى رحلاته ببلاد «الهند» كثرة المدارس،

وذكر أنه كانت هناك مدارس للصبية وأخرى للفتيات، وأوضح أن

النساء بالهند كن يقبلن على التعليم باهتمام بالغ وخصوصًا العلوم

الدينية، وقد وفد «ابن بطوطة» على بلاد «الهند» فى عام (٧٣٤هـ =

١٣٣٣م)، واتصل بالسلطان «محمد بن تغلق»، وتولى منصب القضاء

فى دولته، وأقام بها مدة ثمانى سنوات، ووصف بلاد «الهند»

ونظمها وسياسة حكامها، وطرق إدارتها، وأحوال المعيشة، ومعايش

الناس فيها.

وأنشأ «فيروز شاه» المدرسة «الفيروزشاهية»، وعنى بعمارتها،

وأحاطها بالحدائق الغناء، وجعلها مقصد العلماء وطلاب العلم من كل

مكان، فكان من أساتذتها «جلال الدين الرومى» الذى قام بتدريس

علوم التفسير والحديث والفقه بها، ومارس الوعظ والتدريس، وبرع

فى نظم الشعر، فأقبل عليه التلاميذ من كل مكان، وكانت آخر

وصاياه لتلاميذه وصيته التى قال فيها: «أوصيكم بتقوى الله فى

السر والعلانية، وقلة النوم والطعام والكلام، وهجران المعاصى

والآثام، ومواظبة الصيام، ودوام القيام، وترك الشهوات على الدوام،

واحتمال الجفاء من جميع الأنام، وترك مجالسة السفهاء والعوام،

ومصاحبة الصالحين والكرام. فإن خير الناس مَن ينفع الناس، وخير

الكلام ما قل ودل».

شهدت «الهند» نهضة علمية كبيرة، فانتشرت بها المدارس، وتزايدت

أعداد طلاب العلم والمشتغلين به، وأصبح للكتاب أهمية كبرى فى

تلبية حاجات الأساتذة والطلاب، وضمت المدارس والجامعات مكتبات

<<  <  ج: ص:  >  >>