وتقديم القرابين .. الخ، وهى ديانة السواد الأعظم من الهنود الذين بقوا
على وثنيتهم.
وأما البراهمة فهم المنكرون للنبوَّات أصلا، وأكثرهم على مذهب
الصابئة، ومنهم قائل بالروحانيات، وقائل بالهياكل، وقائل
بالأصنام، إلا أنهم جميعًا مختلفون فى شكل الهياكل التى ابتدعوها،
وكيفية أشكالها، وقد ظهرت البرهمية فى القرن الثانى قبل الميلاد
على أيدى «البراهمة» الذين استمدوا شرائعها من «الهندوسية».
وظهرت البوذية على يد «غوتامابوذا» الذى وُلد فى أواسط القرن
السادس قبل الميلاد، وتوفى فى سنة (٤٨٧ ق. م) عن عمر يناهز
الثمانين عامًا، وقد نشأ فى بيت عز وثراء، فلما بلغ مبلغ الشباب
تأمل فى عجائب الكون ومتغيرات الطبيعة، ونظر إلى أحوال الناس
وطبائعهم، وأيقن أن الموت نهاية حتمية لكل الكائنات، فأعرض عن
مباهج الدنيا، وتحول إلى الزهد والتصوف، واعتزل الناس سبعة
أعوام كاملة فى غابة يعيش فيها مع تأملاته، ثم عاد إلى وديان
«نهر الكنج» وظل يتنقل بين الناس خمسًا وأربعين سنة، ينشر بينهم
رسالته، وآمن بدعوته الملايين فى «الهند» وخارجها، وخلاصة هذه
الدعوة التى عمل على نشرها، أن الشر والألم لا ينفصلان عن عالم
الوجود، والنجاة أن يحرر الإنسان نفسه بمراقبتها من الوقوع فى
الجهل الذى يولد الشهوات، وعليه الاعتصام من الذنوب، وبذل
الصدقة، وفعل أعمال الخير، إلى جانب التفكير والتأمل. ثم جاء
الإسلام فحرر «الهند» من هذه العقائد التى تكلف الإنسان ما لا يطيق
من الزهد والتقشف، وتمنع الناس من العمل والإنتاج، فالإسلام يدعو
إلى الوسطية، فهو دين عمل وعبادة، ولا تمنع العبادة المسلم من
العمل، فالمسلم يعمل وفى الوقت نفسه يؤدى ما عليه من فرائض
وتعاليم إسلامية.