ونشطت فى «مصر» و «الشام» وذلك لموقعهما الفريد المتحكم فى
طرق التجارة، فأصبحتا حلقة اتصال بين تجارة الشرق والغرب، إلى
جانب ما كانتا تحصِّلانه من ضرائب جمركية على البضائع التى تمر
بهما.
كما اهتم الطولونيون بالزراعة، واعتنوا بتطهير «نهر النيل»،
وأقاموا الجسور، وشقوا الترع، وشجع «أحمد بن طولون» الفلاحين
على امتلاك الأراضى، وخصص لذلك ديوانًا أسماه: «ديوان الأملاك»،
كما قلل من الضرائب، وأصلح «مقياس الروضة»، وأنشأ القناطر،
وحفر الآبار فى الصحراء حين علم بما يعانيه الناس فى هذه المناطق
فى الحصول على الماء، فتقدمت الزراعة فى عهده ونشطت، كما
تقدمت الصناعة والتجارة، وبلغت مالية «مصر» و «الشام» فى عهده
مبلغًا عظيمًا، فكثرت الإنشاءات العظيمة، مثل «الحصن المنيع» الذى
بناه «أحمد بن طولون»، ليكون مأوى له إذا ما حاق به خطر، وقد
تكلفت هذه المشروعات العظيمة أموالا طائلة، تدل على تحسن
الأحوال المالية والاقتصادية فى هذا العهد، وعاش الناس فى رخاء
وسعة.
د - الناحية الاجتماعية:
يبدو أن الأتراك قد حظوا بمكانة عظيمة فى عهد الطولونيين،
وشاركهم فى ذلك طبقة الأشراف؛ التى نالت احترام الشعب والأمراء،
وإلى جانبهم كانت تعيش طبقة الأغنياء من كبار التجار وكبار الملاك.
أما عامة الشعب فقد تحسنت أحوالهم نتيجة استقرار الأوضاع،
واهتمام الحاكم بشئونهم، وحرصه على إقامة العدل بينهم؛ لدرجة أن
«أحمد ابن طولون» تولَّى القضاء بنفسه فى فترة من الفترات،
وعامل أهل الذمة معاملة كريمة طيبة، جعلتهم يقبلون على أعمالهم
بشغف واطمئنان. واهتم الطولونيون بإحياء الأعياد الإسلامية كعيدى
«الفطر» و «الأضحى»، كما اهتموا أيضًا بإحياء الأعياد المسيحية
كعيد الميلاد، وكانت ألعاب الفروسية التى أولاها الطولونيون
عنايتهم من أهم مظاهر الترفيه فى هذه الأعياد.
حكمت الدولة الطولونية زهاء ثمانٍ وثلاثين سنة، انتعشت فيها البلاد،