بلاده، واستطاع بكفاءته وذكائه أن يتغلب على العواقب التى
صادفته كافة، وأخذت «مصر» والشام و «الحجاز» تستعيد مكانتها
ثانية، بعد أن استطاع «ابن طغج» رد الفاطميين وإيقاف زحفهم على
«مصر»، فحاول الفاطميون استمالته إلى جانبهم، ولكنه رفض، وظل
وفيا للخلافة العباسية، واستطاع فى مدة قصيرة أن يبسط سلطانه
على «مصر» والشام، وأعاد إليهما النظام، وعرف كيف يسوس الناس
فيهما، فعاش حياته عزيزًا كريمًا. فلما شعر بدنو أجله عهد إلى ابنه
«أبى القاسم أنوجور» بالحكم من بعده، وجعل «كافورًا» وصيا عليه
لأن «أنوجور» كان فى ذلك الوقت صغيرًا، ومات الإخشيد بدمشق
سنة (٣٣٤هـ = ٩٤٦م).
كافور وأولاد الإخشيد:
[٣٣٤ - ٣٥٧هـ = ٩٤٦ - ٩٦٨م]:.
كافور:
وُلد «كافور» بين سنتى (٢٩١ و٣٠٨هـ) فلم تُحدَّد سنة ولادته تحديدًا
دقيقًا - وكانت كنيته «أبا المسك»، وبدأ حياته مملوكًا بسيطًا،
اشتراه «محمد بن طغج» من رجل يُدعَى «محمود بن وهب»، وتوسَّم
فيه «الإخشيد» الذكاء، فاحتفظ به ورباه فى بيته تربية عالية، فلما
رآه يتقدم ازداد إعجابه به واختصه من بين عبيده وأولاه ثقته
وأعتقه، وأخذ يرقيه فى بلاطه حتى جعله من كبار قواده؛ لما يتمتع
به من ذكاء وصفات طيبة، وبعثه قائدًا أعلى على رأس جيوشه
لمحاربة أعداء الدولة، وعهد إليه بتربية ولديه «أبى القاسم أنوجور»
و «أبى الحسن على»، كما عهد إليه بأن يكون وصيا عليهما فى
الحكم من بعده.
وصاية كافور على أنوجور وأبى الحسن:
عندما تولَّى «أنوجور» حكم «مصر» سنة (٣٣٤هـ) كان لايزال طفلا
صغيرًا لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، فقام «كافور» بتدبير
أموره وأمور الدولة، وبقيت علاقتهما - كما كانت - علاقة الأستاذ
بتلميذه، وأصبح «كافور» صاحب السلطان المطلق فى إدارة الدولة
الإخشيدية، واستطاع التغلب على المشاكل التى قابلت الدولة فى
مستهل ولاية «أنوجور»، وتمكن من القبض على زمام الأمور بيده،