تعالى: {ولقد نصركم الله فى مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم
كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا وضاقت عليكم الأرض بما رحُبت ثم وليتم
مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل
جنودًا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين}. [التوبة:٢٥ -
٢٦].
٢ - حصار الطائف:
بعد هزيمة «هوازن» و «ثقيف» فى وادى «حُنين». فرت فلولهم
وتحصنت بالطائف فحاصرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من
ثلاثة أسابيع، وكانت حصونهم قوية، وأخذوا فى قذف المسلمين
بالنبال فآذوهم، فاضطر النبى أن يتراجع بقواته بعيدًا عن مرمى
النبال، ثم استشار أصحابه ماذا يفعل معهم، فقالوا له: «يارسول الله
هم كضب فى جحر إن أقمت عليه أخذته وإن تركته فلن يضرك»، أى
أنهم بعد فتح «مكة» وبعد هزيمتهم فى وادى «حنين» لن يستطيعوا
الصمود فى وجهك، وهم مستسلمون لا محالة إن أطلت الحصار، وإن
رفعته عنهم فسيقدمون عليك من تلقاء أنفسهم، فاقتنع الرسول
- صلى الله عليه وسلم - بهذا الرأى، ورفع عنهم الحصار، ورفض أن
يدعو عليهم عندما طلب منه ذلك بعض الصحابة، بل قال: «اللهم اهدِ
ثقيفًا وأتِ بهم».
وبعد أقل من عام جاءت وفودهم إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -
فى «المدينة»، وأعلنوا إسلامهم، فى رمضان سنة ٩هـ، وعين
الرسول - صلى الله عليه وسلم - «عثمان بن العاص الثقفى» واليًا
عليهم.
٣ - غزوة تبوك:
قام النبى - صلى الله عليه وسلم - بقيادة هذه الغزوة فى شهر رجب
سنة ٩ هـ، وهى آخر غزوة غزاها، وكان سببها أن أخبارًا وصلت إليه
من عيونه التى بثها لمراقبة تحركات الروم فى الشمال، أنهم يعدون
العدة للهجوم عليه.
والحقيقة أن عدوان الروم كان قد تكرر كثيرًا على المسلمين من قبل،
فاعتدى الروم على المسلمين وحاربوهم فى غزوة «مؤتة» فى
جمادى الآخرة سنة ٨هـ، وكادوا يستأصلونهم، لولا مهارة «خالد بن
الوليد» - رضى الله عنه - الذى انسحب من أمامهم وأنقذ جيش
المسلمين من براثنهم.