بالتكبير .. الله أكبر .. الله أكبر، وعمدوا إلى قتال عدوهم، وجاهدوا
بإخلاص وثقة فى سبيل الله للحفاظ على الدين والأرض والمال
والولد، فكتب الله لهم النصر المؤزر على جحافل التتار، وقضوا عليهم
قضاء مبرمًا.
ويعد الانتصار العظيم الذى حققه المسلمون على التتار فى «عين
جالوت» من أعظم الانتصارات فى التاريخ الإسلامى على الإطلاق،
فلم يكن مجرد انتصار عسكرى فحسب، بل كان انتصارًا للحضارة،
وإنقاذًا للمدنية الإنسانية كلها من أمة همجية، لم تكتف بالقتل والذبح
والتشريد؛ بل عملت على الهدم والتخريب والدمار، فقتلت المسلمين
بوحشية، وهدمت مكتبات «بغداد»، وألقت بأعظم المؤلفات العلمية
والحضارية فى نهرى «دجلة» و «الفرات»، ولولا رحمة الله -تعالى-
بهذه الأمة بأن قيض لها قادة عظماء، ورجالا يخشون الله تعالى،
وفرسانًا يعملون على إعلاء كلمة «لا إله إلا الله»، والحفاظ على
وحدة الأمة؛ لتغيرت أحداث التاريخ، واختلفت مجريات الأمور، وتباينت
صور الحضارة فى هذه البلاد. ولكن الله - تعالى - أراد السلامة لهذه
الأمة من خطر التتار وهمجيتهم، فردهم على أعقابهم مدحورين
خاسرين.
علاقة المماليك بالصليبيين:
تمتعت «مصر» فى عهد المماليك بمركز ممتاز بين دول العالم شرقًا
وغرباً؛ فهى التى هزمت الصليبيين فى معركة «حِطِّين»، وهزمت
المغول فى «عين جالوت» وأخضعت «أرمينية» لسلطانها، وبسطت
نفوذها على بلاد «اليمن» و «الحجاز»، ووسعت أملاكها فى
«إفريقية»، وأصبحت - بحق - مقر الحكومة الإسلامية، خاصة بعد
انتقال الخلافة الإسلامية من «بغداد» إليها.
لم تستقر الأوضاع تمامًا فى عهد سلاطين المماليك، ومع ذلك لم
يكونوا أقل حماسة فى طرد الصليبيين من أسلافهم الأيوبيين، إذ لم
تكن الحملة الصليبية السابعة - التى فشلت وأسر قائدها بالمنصورة
فى العهد الأيوبى - آخر جولات الصليبيين مع «مصر»، فقد رأى
«الظاهر بيبرس» - حين استتب الأمر للمماليك وقويت شوكتهم - متابعة