فى ذلك، وكان فى كل محطة من هذه المحطات برج أو أكثر ليعيش
فيه الحمام الذى سيقوم بنقل الرسائل إلى المحطة التالية، وقد عنى
سلاطين المماليك عناية شديدة بما كانت تحمله هذه الحمائم من
رسائل، لدرجة أن بعضهم أمر بإدخالها عليه حال وصولها، كما كان
بعضهم يترك طعامه أو يستيقظ من نومه فى الحال عند وصولها.
وهكذا كان تنظيم الدواوين فى عهد الدولة المملوكية غاية فى
الدقة، ومظهرًا من مظاهر الرقى الحضارى الذى وصلت إليه هذه
الدولة بما صنعته وحققته، ومثلا من أمثلة المتابعة الدقيقة التى آل
سلاطين هذه الدولة على أنفسهم أن يتخذوها فى مراقبة شئون
الدولة؛ لتحقيق الاستقرار الداخلى، الذى ينعكس - بطبيعة الحال -
على كل مناحى الحياة فى الدولة.
كبار الموظفين الإداريين:
- الأتابك:
«الأتابك» هو القائد العام للجيوش، وكلمة «أتابك» لفظة تركية مركبة
من «أطا»، (وتعنى: أب) و «بك» (وتعنى: السيد أو الأمير) فيكون
«الأتابك» هو: السيد الأب، أو الأمير الأب، أى أنه أبو الأمراء أو
كبيرهم، وقد أُطلق هذا اللقب فى عهد المماليك على مقدم العساكر،
أو القائد؛ لأنه يعتبر أبًا للعساكر والأمراء جميعًا، وكثيرًا ما خلع
الأتابكة أبناء السلاطين من على العرش، واستولوا عليه وتولوه بدلا
منهم.
- الوزير:
تطور نظام الوزارة فى «مصر» فى عهد المماليك، ولم يتمتع وزراء
هذا العصر بنفوذ مطلق؛ لاستقرار منصب «نائب السلطان» الذى
استحدثه الأيوبيون وعمل به المماليك، وقد حرص «الظاهر بيبرس»
على اختيار وزرائه من أرباب الأقلام والسيوف، فإذا كان الوزير من
أرباب القلم أُطلق عليه اسم: «الصاحب» مضافًا إليه صفة الوزير
فيصبح لقبه: «الصاحب الوزير» أو «وزير الصحبة»؛ وهو وزير متنقل
يرافق السلطان فى أسفاره وحروبه، وتكون مهام وظيفته مقصورة
على تسيير شئون الوزارة فى هذه الأثناء. أما إذا كان هذا الوزير