وكانت المدارس من أهم المنشآت التى حرص المرينيون على إقامتها،
فأقاموا «مدرسة الصفارين» فى عهد السلطان «يعقوب» الذى عين
لها المدرسين، وأجرى على طلبتها النفقات اللازمة، وزودها بخزانة
للكتب، وبنى السلطان «أبو سعيد» عدة مدارس منها: مدرسة
العطارين، ومدرسة المدينة البيضاء، ومدرسة الصهريج.
ولم يغفل المرينيون إنشاء المستشفيات، فأقام السلطان «يعقوب بن
عبد الحق» عدة مستشفيات للمرضى والمجانين، ووفر لها الأطباء،
وأجرى عليهم المرتبات، كما خصص جزءًا كبيرًا من أموال الجزية
لرعاية الجذامى والعميان.
الحياة الفكرية:
ورث «بنو مرين» عن المرابطين والموحدين ثروة ثقافية كبيرة،
فأسهموا بدورهم فى زيادة هذه الثروة، وأنشئوا المؤسسات العلمية
كالمساجد والمدارس، ورحبوا بالعلماء القادمين من «الأندلس»
وغيرها؛ وشجعوهم على بذل ما لديهم دفعًا للحركة العلمية بالبلاد.
فاهتم العلماء بتفسير القرآن، وبرع عدد كبير منهم فى هذا العلم
أمثال: «محمد بن يوسف بن عمران المزداغى» المتوفى عام (٦٥٥هـ=
١٢٥٧م)، و «محمد بن محمد بن على» المعروف بابن البقال المتوفى
عام (٧٢٥هـ= ١٣٢٥م)، و «محمد بن على العابد الأنصارى» الذى اختصر
تفسير الزمخشرى المتوفى عام (٧٦٢هـ= ١٣٦١م).
أما علم الحديث فقد ازدهر باعتباره المصدر الثانى للتشريع، ومن
أبرز علمائه: «عبدالمهيمن الحضرمى»، و «محمد بن عبدالرازق
الجزولى»، و «ابن رشيد» الذى تُوفى فى سنة (٧٢١هـ= ١٣٢١م).
وقد تقدم علم الفقه تقدمًا كبيرًا بسبب تشجيع سلاطين «بنى مرين»
للفقهاء؛ فكثرت المؤلفات، وظهر كثير من الفقهاء مثل: «محمد بن
محمد بن أحمد المقرى» المعروف بالمقرى الكبير المتوفى عام
(٧٥٨هـ= ١٣٥٧م)، و «أحمد بن قاسم بن عبدالرحمن الجذامى» الذى
عُرف بالقباب المتوفى عام (٧٧٨هـ= ١٣٧٦م).
وإلى جانب هذه العلوم الدينية ازدهرت علوم اللغة، والنحو والتاريخ،
والسير، والرحلات، والجغرافيا، والفلك، والرياضيات، والفلسفة