واجتمع حوله أشياع بنى أمية فى كورة غرناطة، وأن دعوته
انتشرت بسرعة فى الجنوب، وقد ذاع هذا الخبر فى جند يوسف
فأحدث فزعًا واضطرابًا، وتفرق عنه جنده، فاضطر هو و «الصميل»
بالعودة بمن معهما متوجهين إلى قرطبة؛ لمواجهة هذا الخطر الداهم،
وكان ذلك سنة (١٣٨هـ= ٧٥٥م).
وأثناء هذه الفتن استولى الفرنج على جميع القواعد الإسلامية فى
الشمال ماعدا «أربونة» أمنع قلاع المسلمين فيما وراء جبال البرت،
وقد قاوم المسلمون بها، وصبروا على مدار أربعة أعوام، ولم تستسلم
إلا بعد خيانة القوط بها، وقد دخلها الفرنج، وخربوا مساجدها
ومعاهدها ودورها سنة (١٤٢هـ = ٧٥٩م)، وبذلك انتهى الوجود
الإسلامى فيما وراء جبال البرت بعد أن استمر هناك ما يقرب من
نصف قرن، وقد حدث هذا فى الوقت الذى كانت فيه قوى الإسلام
فى شبه الجزيرة مشغولة بتمزيق بعضها بعضًا.
وقد استفادت المجموعة التى اعتصمت فى جبال «استوريا»
و «جليقية» فى شمالى غرب إسبانيا، والتى عرفت بمجموعة «بلاى»
من هذا التمزق، وأخذت تنمو مع الزمن، ويشتد ساعدها ابتداءً من
القرن الثامن الميلادى حتى صارت شوكة فى جنب المسلمين هناك.
وأدت الحروب المتوالية بين العرب بعضهم بعضًا، وبينهم وبين البربر
إلى مجاعة شديدة بلغت أقصاها سنة (١٣٦هـ = ٧٥٣م)، وترتب عليها
تزايد حركة الهجرة إلى إفريقية وقلة عدد المسلمين فى شبه الجزيرة
الأيبيرية، ولايستثنى من ذلك سوى إقليم «سرقسطة» الذى كان
معظم سكانه من اليمنيين، فاستقروا به واشتغلوا بالزراعة.