للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهبوط وفى قمتها ثلاث تفاحات كبيرات اثنتان من الذهب وواحدة

من الفضة، وقد أزال النصارى هذه المنارة وأقاموا مكانها برج

الأجراس الحالى، ولاتزال اللوحة التى تشيد بجهود عبدالرحمن الناصر

قائمة فى مكانها عند الباب الرئيسى المسمى باب النخيل.

كذلك أقام عبدالرحمن ما يعرف بالمظلة فى صحن المسجد، وهى

سقف متحرك يتكون من أعمدة من الخشب والحصر، يستظل بها الناس

أثناء الصلاة فى زمن الصيف، ثم ترفع بعد الصلاة لأن صحن الجامع

الفسيح كان مزدانًا بأشجار النارنج، وتلك ظاهرة تنفرد بها صحون

مساجد الأندلس عن غيرها.

ولاتقف جهود الناصر عند هذا الحد، وإنما يرجع إليه الفضل فى

إنشاء عدد كبير من المساجد فى شمالى الأندلس وجنوبيه، كما أن

إليه يرجع فضل تجديد قنطرة الوادى وقنطرة سرقسطة وقنطرة

ماردة.

وقد اهتم الناصر بالجيش وجمع له الجند من أنحاء المغرب والأندلس،

واستكثر من الأسلحة، وأمده بمجموعة من أمهر القادة، وتولى

القيادة بنفسه أحيانًا.

كما عنى بالأسطول واهتم بإصلاح وحداته، وأنشأ به وحدات

جديدة، وكانت «المرية» هى مركز الأسطول الرئيسى وبها دار

الصناعة، وقد ضم أسطول الناصر (٢٠٠) سفينة بخلاف أسطول

المغرب، وكان لأسطول الناصر السيطرة على مياه إسبانيا الجنوبية

الشرقية، كما كان ينازع الفاطميين السيادة على غربى البحر الأبيض

المتوسط، وعلى الرغم من الحروب فإن عصرالناصر كان عصر رخاء

زاد فيه الدخل وازدهرت الزراعة والصناعة والتجارة وكثرت أخماس

الغنائم، ويقال إن الناصر لما مات وجد فى بيت ماله خمسة آلاف

مليون درهم، وترك فى قصره عشرين مليونًا من الذهب.

وفى سنة (٣١٦هـ = ٩٢٨م) أمر الناصر باتخاذ دار للسكة فى قرطبة

لضرب الدنانير والدراهم، وبذل جهده فى الاحتراس من الغش والتدليس

فأصبحت دنانيره ودراهمه عيارًا محضًا، وكان ضرب النقد معطلا قبله.

وبلغ الأمن ذروته فى سائر البلاد أيام الناصر، وترك ذلك آثارًا طيبة

<<  <  ج: ص:  >  >>