القعدة، وقد تلقى عبدالملك رسالة من أمير برشلونة تطلب الصفح
والمهادنة فاستقبل الرسل استقبالا يليق بمقام الخلافة.
ولما اعتدى أمير قشتالة على أراضى المسلمين سنة (٣٩٤هـ =
١٠٠٤م) قصد إليه عبدالملك وأدبه، واضطره إلى التسليم وطلب الصلح
ثانية، وتعهد على التعاون مع عبدالملك فى حملاته ضد مملكة ليون
وضد خصومه جميعًا.
وفى العام التالى خرج «عبدالملك» وسار نحو طليطلة ولحق به
«الفتى واضح» وملك قشتالة، واتجهوا شمالا نحو أراضى ليون
ومدينة سمورة وعاث فى هذه النواحى ووصل إلى جليقية واستولى
على كثير من المغانم والسبى، ولكنه لم يحقق نتائج حربية ذات
قيمة.
خرج عبدالملك فى أواخر سنة (٣٩٦هـ = ١٠٠٦م) إلى «بنبلونة»
عاصمة «نبرة» فقصد «سرقسطة» و «شقة» و «بريشتر» ومنها اخترق
المسلمون أراضى العدو وأخذوا يقتلون وينهبون، ثم تعرض الجيش
لبعض العواصف ورعد وبرق قاسٍ، واضطر إلى العودة إلى العاصمة.
حين وصل إلى مسامع عبدالملك أن أمير قشتالة يفكر فى الاعتداء
على أراضى المسلمين، خرج لغزوته الخامسة المسماة «غزوة
قلونية» فى (صيف ٣٩٧هـ = ١٠٠٧م)، واخترق أراضى قشتالة
ليحارب ملكها الذى تحالف معه ملك ليون وملك نبرة، وعدد من زعماء
النصارى الذين وحدوا صفوفهم، ومع ذلك فقد تمكن عبدالملك من
إلحاق هزيمة بهم جميعًا عند مدينة «قلونية»، وحملهم على طلب
الصلح ثم عاد إلى قرطبة أواخر العام المذكور، فسر الناس بما حقق،
واتخذ هو لقب «المظفر بالله» إشادة بما أحرز من نصر عظيم.
لكن ملك قشتالة جدد عدوانه وغدر بالمسلمين فخرج إليه عبدالملك
فى (صفر سنة ٣٩٨هـ = أكتوبر ١٠٠٧م)، واخترق أراضى قشتالة
الوسطى، وقصد إلى بعض الحصون المنيعة، وجرت معركة، اضطر
النصارى بعدها إلى دخول الحصن، وهجم عليهم المسلمون وضربوا
الحصن بالمجانيق والنيران حتى حملوا العدو على طلب التسليم، وهنا
أمر عبدالملك بقتل المقاتلة وسبى النساء والذرية، ثم رجع إلى