بالغة فانسحب «جوستنيانى» من ميدان المعركة رغم توسلات
الإمبراطور له، لأن «جوستنيانى» كان له دور كبير فى الدفاع عن
المدينة.
وكان أول شهداء العثمانيين هو الأمير «ولى الدين سليمان» الذى
أقام العلم العثمانى على أسوار المدينة البيزنطية العريقة، وعند
استشهاده أسرع (١٨) جنديا عثمانيا إليه لحماية العلم من السقوط
واستطاعوا حمايته حتى واصل بقية الجنود تدافعهم على الأسوار،
وثبت العلم تمامًا على الأسوار بعد أن استشهد أيضًا هؤلاء الثمانية
عشر جنديا، أثناء ذلك كان العثمانيون يواصلون تدفقهم إلى
المدينة، عن طريق الفتحات التى أحدثتها المدفعية فى الأسوار، ثم
عن طريق تسلق السلالم التى أقاموها على أسوار المدينة، وتمكن
جنود من فرق الهجوم العثمانية من فتح بعض أبواب «القسطنطينية»
ونجح آخرون فى رفع السلاسل الحديدية التى وضعت فى مدخل
الخليج لمنع السفن العثمانية من الوصول إليها، فتدفق الأسطول
العثمانى إلى الخليج وبعد ذلك إلى المدينة نفسها، وساد الذعر
البيزنطيين وكان قد قتل منهم من قتل، وهرب من استطاع إلى ذلك
سبيلا.
الفاتح يعطى الأمان:
عندما دخل «محمد الفاتح» المدينة أمر بإحراق جثث القتلى تفاديًا
للأمراض، وسار على ظهر جواده إلى كنيسة «آيا صوفيا» حيث تجمع
الشعب البيزنطى ورهبانه، وما إن علموا بوصول السلطان الفاتح
حتى خروا سجدًا راكعين بين أنين وبكاء وعويل، ولما وصل الفاتح،
نزل من على ظهر حصانه وصلى ركعتين شكرًا لله على توفيقه له
بالفتح، ثم سار يقصد شعب بيزنطة ورهبانه، ولما وجدهم على هذه
الحالة من السجود انزعج وتوجه إلى رهبانهم قائلا: «قفوا استقيموا
فأنا السلطان محمد، أقول لكم ولجميع إخوانكم ولكل الموجودين
هنا، إنكم منذ اليوم فى أمان فى حياتكم وحرياتكم»، وهذا ما سجله
مؤرخ بولونى كان معاصرًا.
وكان لهذا التصرف من الفاتح أثر كبير فى عودة المهاجرين النصارى