وساءت أحوال الدولة الاقتصادية فى أواخر عهد السلطان «عبد
العزيز»، بحيث توقف صرف مرتبات الموظفين - بما فى ذلك
العسكريون - لعدة شهور، ولم يؤدِّ فرض ضرائب جديدة إلى معالجة
الأوضاع المتردية، لهذا سعى «مدحت باشا» إلى تحسين أوضاع
الحكومة بخلع «عبد العزيز» خاصة، ولأنه كان مؤمنًا بأن ولى العهد
الأمير «مراد الخامس» أميل إلى إعلان الدستور.
وفى (٦ من جمادى الأولى سنة١٢٩٣هـ= ٣٠ من مايو سنة ١٨٧٦م)
قامت مجموعة صغيرة من كبار موظفى الحكومة يرأسهم «مدحت
باشا» بانقلاب ضد الخليفة، عززته فتوى شيخ الإسلام، وولى
الثائرون السلطان «مراد الخامس» الذى كان قد اتصل بشباب
العثمانيين عدة سنوات.
وكان السلطان «مراد الخامس» على جانب كبير من الذكاء والثقافة
التركية، كما أبدى اهتمامًا بالأدب والعلوم والشئون الأوربية، وكان
يهوى الموسيقى الغربية، وزار «أوربا» سنة (١٢٨٤هـ= ١٨٦٧م)،
وانخرط فى سلك الماسونية، وكان أميل إلى الليبرالية والدستور
وإصلاح التعليم، وطبعه بالعلمانية.
على أن مراقبة «مراد» فى أواخر عهد عمه، وإسرافه فى الشراب
أديا إلى اختلاط عقله بالصورة التى ظهرت عليه بعد توليه الحكم،
وازداد هذا الاضطراب، حين نمى إلى علمه نبأ انتحار السلطان «عبد
العزيز»، ومقتل عدد من الوزراء على يد أتباع الأمير «يوسف عز
الدين بن عبد العزيز»، وحينئذٍ رأى الوزراء ضرورة خلع
«مراد»،وتولية أخيه «عبد الحميد» الذى كان «مدحت باشا» قد انتزع
منه وعدًا بإعلان الدستور.