الضعف؛ فأَغرق الملوك فى الترف، وفقدوا الروح العسكرية، وبدأت
أقاليمها تستقل عنها واحدًا بعد الآخر؛ فاستقلَّت «جاو» واستولى
«الطوارق» على «أروان» و «ولاته» و «تمبكت»، وبدأ «الولوف»
و «التكرور» يُغيرون عليها من الغرب، ودولة «الكانم» من الشرق
واستقلّت إمارة «صنغى» التى ورثت مملكة «مالى» وتبوأت مكانتها
فى غرب القارة فيما بعد.
وقد بلغ ضعف مملكة «مالى» الغاية فى القرنين الخامس عشر
والسادس عشر الميلاديين حين استنجدوا فى عام (٨٨٦هـ = ١٤٨١م)
بالعثمانيين، الذين كانوا قد استقروا بالمغرب، ثم بالبرتغاليين الذين
كانوا قد أنشئوا لهم مستعمرة على ساحل إفريقيا الغربى، فلم
يستجب لهم أحد، وكان «سُنِّى على» سلطان دولة «صنغى»
الإسلامية والمؤسس الحقيقى لها قد أوغل فى سلطنة «مالى» فلم
يترك بلدًا ولا مدينة فى النصف الشمالى منها إلا حاربه بما فى ذلك
مدينة «مالى» نفسها، واحتل «تمبكت» عام (٨٧٣هـ = ١٤٦٩م)، ونرى
عهد قوة إمبراطورية «مالى» ينتهى فى العام الذى سقطت فيه
«تمبكت» فقد أخذت الإمبراطورية تفقد أقاليمها واحدًا إثر الآخر حتى
أصبحت فى منتصف القرن السابع عشر الميلادى مجرد دُوَيلة صغيرة
فى «كانجابا» كما كانت من قبل. وظلَّت هذه الدولة قائمة حتى
ابتلعها الفرنسيون فى عام (١٣١٦هـ = ١٨٩٨م)، بعد أن هزموا آخر
زعيم أراد أن يعيد مجد دولة «مالى» الإسلامية، ويوحد شعب
«الماندنجو» وهو «سامورى التورى»، ورغم جهاده المستمر فإن
الفرنسيين قضوا عليه فى العام نفسه، ونفوه إلى «جابون»؛ حيث
مات هناك فى عام (١٣١٨هـ = ١٩٠٠م).
وقد استطاعت دولة مالى تحقيق كثير من المظاهر الإسلامية.
وأول هذه المظاهر، اتصالها بالقوى الإسلامية المختلفة، وإظهارها
لروح الأخوة الإسلامية، وقد ظهر هذا فى سفر سلاطين هذه المملكة
إلى مكة لأداء فريضة الحج وزيارة «مصر» فى طريقهم إلى «مكة»،
وقد بدت هذه الظاهرة منذ فجر الدولة؛ إذ أشار «القلقشندى» إلى