الخذلان فيوقع فاعله في واد من الخسران كما نص على ذلك العلامة ابن حجر من أئمتنا فمن اعترض عليهم يخشى عليهم سوء الخاتمة كما وقع لكثير من الناس أنهم مقتوا بذلك ولم يفلحوا {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا}.
وأما التوسل بالأنبياء والأولياء والعلماء فقد نص أئمتنا أنه يجوز التوسل بأهل الخير والصلاح سواء كانوا أحياء أو أمواتا، ولا ينكر ذلك إلا من ابتلي بالحرمان وسوء العقيدة نعوذ بالله تعالى من المنكر ومن سيرته، وأما الاهتزاز في حالة الذكر فمندوب إليه؛ لما روى الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه وصف الصحابة يوما فقال: كانوا إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجر في اليوم الشديد الريح وجرت دموعهم على ثيابهم قال أهل اللغة: ماد يميد إذا تحرك، ومادت الأغصان تميد تمايلت. قال شيخنا العارف جمال الدين عبد الله بن حسام الدين خليل الاسترابادي البسطامي قدس الله تعالى روحه: وهذا صريح على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتحركون في الذكر حركة شديدة يمينا وشمالا؛ لأنه شبه حركتهم بحركة الشجر يوم الريح، ومن المعلوم أن الشجر في يوم الريح يتحرك حركة شديدة، فثبت مطلقا إباة الميلان بهذا الأثر على أن الرجل غير مؤاخذ بما يتحرك ويقعد ويقوم ويلبث على أي نوع كان لا يكون منهيا عنه، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم نهي عن الحركة في الذكر، ولو كان فيها كراهة لبينها لأمته فيما ورد عنه.
ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اذكروا الله حتى يقولوا مجنون". وفي حديث:"اذكروا الله حتى يقول المنافقون أنكم مراءون". ومقتضى هذا أن لا يذكر الله تعالى سرا؛ لعدم الإخلاص وإذا جهر مراآة وقد وصفه الله تعالى بالقلة حيث قال فيهم:{ولا يذكرون الله إلا قليلا} فسرهم بمقتضى النفاق معدوم وجهرهم قليل، فالإكثار من الجهر محمود عند الله تعالى وعلامة الإيمان، والإقلال منه مذموم وعلامة النفاق، وأما السماع فهو محمود كما أفتى بذلك أئمة الشافعية وغيرهم بخلاف السماع الذي يجتمع عليه الفساق بالألات المنكرة مع الخمر والزنا ونحو ذلك. وأما قوله في الرقص والتواجد أول ما أحدثه أصحاب السامري فكيف يجوز لمسلم أن يشبه الذاكرين الله كثيرا بالكافرين؛ قال تعالى:{أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} وقال تعالى: {أفحسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ٣٠ وأيضا من يعلم أن أصحاب السامري كانوا يفعلون ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله على